مجلة اميركية : بعض المسلمين في فرنسا يفكرون بالرحيل
في إطار الانتخابات الرئاسية الفرنسية ، نشرت يومية « نيويورك تايمز » الأمريكية تحقيقا حول الأسباب التي جعلت بعض الفرنسيين المسلمين يغادرون البلاد تباعا للعيش في بلدان أجنبية، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا. عنونت اليومية الأمريكية مقالها « رحيل في الخفاء لمسلمي فرنسا« ، مانحة الكلمة للعديد من الفرنسيين المسلمين لشرح أسباب مغادرتهم لهذا البلد بالرغم من أنهم ولدوا وترعرعوا فيه. يقول صبري لواتاح (38 عاما) وهو روائي يعشق اللغة الفرنسية: « اعتداءات 2015 هي التي جعلتني أغادر فرنسا. فهمت بأنهم (الفرنسيون) لن يغفروا لنا هذا الحادث ». فعلى الرغم من ولادته في فرنسا وامتلاكه لعلاقات عائلية وطيدة في مدينة « سانت إتيان بجنوب فرنسا، إلا أنه قرر أن يستقر في مدينة فيلادلفيا، بولاية بنسيلفانيا، في الولايات المتحدة الأمريكية برفقة زوجته بسبب « عدم شعوري بالأمن والأمان في فرنسا » فضلا عن تعرضه إلى « العنصرية » ونعته « بالعربي القذر ». وتابع قائلا: « عندما تسكن في مدينة كبيرة وذات توجه ديمقراطي مثل فيلادلفيا، فإنك تشعر بالراحة والاطمئنان
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية يركز بعض المرشحين من اليمين المتطرف مثل إيريك زمور (حزب الاسترداد) ومارين لوبان (حزب التجمع الوطني) على موضوع الهجرة والمهاجرين ويحذرون من تجسيد نظرية « الاستبدال الكبير » على أرض الواقع. لكن حسب أولفييه أستيفيز، وهو أستاذ في معهد الدراسات والأبحاث الإدارية والسياسية في جامعة « ليل » بشمال فرنسا، فإن « السياسيين الفرنسيين لا يتحدثون كثيرا عن الهجرة العكسية والمتمثلة في رحيل مئات من الفرنسيين المسلمين إلى بريطانيا أو كندا على سبيل المثال للعيش والعمل هناك والمساهمة في نمو اقتصاد تلك الدول ». وتضيف « نيويورك تايمز » أن بعض المرشحين في الانتخابات الرئاسية يدلون بتصريحات مهينة بحق الفرنسيين المسلمين، على غرار إيريك زمور الذي قال حسب الجريدة إن « أرباب العمل الفرنسيين لهم الحق في رفض تشغيل العرب والسود » من جهته، أكد عمار مكروس (46 عاما) وهو فرنسي مسلم كان يعيش في الضاحية الباريسية قبل أن يغادر برفقة زوجته الفرنسية إلى مدينة « ليسيستر » البريطانية: « لا أعامل على أنني فرنسي إلا عندما أكون في الخارج ». وأردف: « أتحدث باللغة الفرنسية وتزوجت من فرنسية وأحب المطبخ الفرنسي والثقافة الفرنسية، لكن رغم كل هذا، في بلدي لست فرنسيا ».
نفس الحكاية تقريبا رواها إلياس سعافي (37 عاما) وهو مسؤول في قسم التسويق في شركة مالية أمريكية تملك مكتبا في بريطانيا. وقال ليومية « نيويورك تايمز »: « ما جذب اهتمامي هنا في بريطانيا هو أنه خلال عشاء عمل، تم تقديم أنواع عديدة من المأكولات، من بينها مأكولات نباتية وأخرى حلال (وفقا لتعاليم الدين الإسلامي) إضافة إلى اختلاط وتعدد الثقافات ». فيما أضافت ماتيلدا وهي زوجة إلياس سعافي: « في بريطانيا، لا أخشى أن أربي طفلا عربيا ». هذا وأشارت دراسة نشرتها الحكومة الفرنسية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أن الفرنسيين من أصول مسلمة لديهم حظوظ أقل لكي يتصل بهم رب عمل ما لإجراء مقابلة معهم بهدف توظيفهم. هذا ما أدى بالشابة مريم غريبو (31 عاما) إلى أن تترك فرنسا لمدة ست سنوات متجهة إلى سويسرا ثم السنغال من أجل العمل هناك. لكنها عندما قررت العودة إلى فرنسا حيث تقطن عائلتها، لم تجد عملا. « الشعور بأنني غريبة في بلدي يطرح لي مشكلة حقيقية. يجب أن يتركونا نعيش وفق معتقداتنا الدينية وضميرنا ». أما بالنسبة لراما ياد، الوزيرة السابقة في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي، فقد قالت لجريدة « نيويورك تايمز » بأن « التركيز المفرط حول موضوع الهجرة من قبل المرشحين خلال الحملة الانتخابية، ما هو إلا نتيجة لعشرين عاما من الحديث عن الهوية الوطنية ». وأنهت اليومية الأمريكية مقالها بالقول إن موضوع الهجرة فرض نفسه في الحملة الانتخابية على الرغم من أن عدد المهاجرين الذين يعيشون في فرنسا أقل بكثير مقارنة بدول غربية أخرى.
Laisser un commentaire