إزدواجية الإعلام ومأساة الاطفال العرب، (ريان نموذجاً)
محمد عمر غرس الله – باحث أكاديمي- خاص الفجر – لا تحدد وسائل الاعلام الحديثة، أولويات إهتمام الرأي العام فقط، بل وتحدد أيضا درجة زاوية الأهتمام نوعها ومدتها، إنها مدارس حديثة تمتلك القدرة العلمية القوية والماهرة، تعرف كيف تستدر وتحلب العواطف والمشاعر، وتعرف كيف تطرق وتسخن الكراهية والبغضاء .. وسائل الإعلام هذه، تجعل المواطن العربي يبكي مشفقاً على الطفل ريان المغربي (وهذا أمر محمود يدل على وحدة الأمة ووحدة مشاعرها) . ولكن من ناحية أخرى تجعل نفس هذا المواطن يهلل ويبارك ويبرر قصف الطائرات السعودية والاماراتية لأطفال اليمن (ريان اليمني) كل مساء حيث يدفن اليمنيين اطفالهم تحت الأنقاض .. وتجعل هذا المواطن لا يلتفت لمأساة الطفل السوري (ريان السوري)، الذي تم تهجيره وتدمير بيوته وقتل اهله، والتأمر على بلده، مع حلف الناتو والاتراك والصها ينة .. في هذا، تعرف وسائل الاعلام ماذا تضع في أسماع المشاهد وأبصاره من اوصاف ومصطلحات وتصورات، وتعرف ماذا تنشر من صور ومقاطع مرفوقة بجمل وكلمات واوصاف ومصطلحات محسوبة بدقة متناهية، وتختار لذلك قراء مهرة يدبجون الجمل بحرفية وجمالية عالية .. وهكذا، تضمن وسائل الاعلام القوية – بسيطرتها على المشاهد والمستمع العربي – إنسياق الرأي العام العربي – كالخراف – وراء ما تريده، ووراء ما تصنعه من تصورات وسرديات، وتسوقه كيفما تشاء منفعلا يزبد بفكرتها ورؤيتها، ويتحول لجندي من جنودها يمور ويفور كالبركان … بل وتتحكم في مشاعره كما يتم التحكم في صنبور الحنفية، فتفتح لتلك المشاعر الباب حسب ما تريد هذه اللعبة وأدواتها، يحب طفل ويشفق عليه، ويتعامى على طفل عربي اخر ويبرر العدوان عليه ..
Laisser un commentaire