أول قمر اصطناعي تونسي إلى الفضاء
انطلق إلى الفضاء، اليوم الإثنين، أول قمر اصطناعي مصنع بالكامل في تونس، ومخصص لشبكة « إنترنت الأشياء »، لتصبح بذلك أول بلد مغاربي يصنع قمراً اصطناعياً، مما يفتح آفاقاً أمام المهندسين الشباب الذين يرغب معظمهم في الهجرة الى الخارج. وباتت تونس أول بلد من بلدان المغرب وسادس بلد أفريقي يصنع قمراً اصطناعياً بعد مصر وجنوب أفريقيا وغانا خصوصاً، وفق موقع « سبايس إن أفريكا » المتخصص. وكان مقرراً أن يقلع صاروخ « سويوز » الروسي الذي ينقل القمر الاصطناعي التونسي « تحدي-1 » ضمن مجموعة تضم 38 قمراً اصطناعياً، السبت، في الذكرى الـ 65 لاستقلال تونس، لكنه انطلق أخيراً من قاعدة بايكونور في كازاخستان صباح الإثنين، في حدث تابعه من تونس العاصمة الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي قال، « ثروتنا الحقيقية هي ثروة الشباب القادر على تحدي كل الصعاب »، مضيفاً « لا ينقصنا إلا الإرادة الوطنية »، وعبّر عن « فخره بشباب تونس عبر العالم ». وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإن القمر الاصطناعي التجريبي يهدف إلى جمع بيانات من أجهزة استشعار بينها أدوات قياس حرارة أو لواقط للتلوث متصلة بالإنترنت أو شرائح لتحديد التموضع أو مستشعرات للرطوبة، لقراءتها في الوقت الحقيقي حتى في مناطق لا تغطيها الشبكة على الأرض. ويجسد المشروع البالغة كلفته 1.2 مليون دولار وانطلق في العام 2018، عمل فريق من المهندسين التونسيين الشباب، بمواكبة خبراء تونسيين في الخارج، بينهم خبير شارك في مهمة « برسيفرنس » التابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) إلى المريخ. وتبلغ قدرة الإرسال الخاصة بقمر « تحدي-1 » الاصطناعي 250 كيلوبايت في الثانية على نطاق 550 كيلومتراً، بحسب الشركة المصنعة، وسيكون من أوائل الأقمار الاصطناعية التي تستعين في الفضاء بتقنية لنقل البيانات تُستخدم على الأرض تحمل اسم « لورا »، وتتيح توفير اتصال عبر الأقمار الاصطناعية بين قطع موجودة من دون الحاجة سوى لتغيير الهوائيات. وسيحاول « تحدي-1 » تلبية الحاجة المتزايدة للوصل بين الأشياء عبر الأقمار الاصطناعية، إذ لا تغطي شبكة الإنترنت الأرضية أكثر من 20 في المئة من مساحة الأرض.
إن هذا القمر خطوة أولى نحو جيل جديد من الأقمار الاصطناعية التي تعتزم الشركة إطلاقها خلال الفترة المقبلة، وأشارت إلى أن مجال التكنولوجيات الحديثة وصناعة البرمجيات قطاع واعد، لا بد للدولة من أن تستثمره. أن تونس دخلت عالم الدول المصنعة في مجال الفضاء، وللمشروع بعد استشرافي لأن العالم متجه نحو ثورة جديدة، داعياً إلى استثمار هذا القطاع، و هناك مشاريع أخرى في الإطار ذاته من خلال التواصل مع روسيا لمزيد من تطوير التعاون في هذا المجال، أن هذا النوع من الأقمار الاصطناعية له جدوى اقتصادية، خصوصاً أنه سيوفر خدمة إنترنت الأشياء التي تمثل سوقاً واعدة.
إن القمر الاصطناعي التونسي سيوفر خدمة الإنترنت في المناطق التي تنعدم فيها تغطية الشبكة الأرضية وبأقل كلفة، وبجودة عالية من خلال استعمال « بروتوكول لورا »، ويمكن الاستفادة من خدمات القمر في مجالات عدة مثل الفلاحة والنقل وحماية البيئة.أن مهمة القمر الاصطناعي التونسي تتمثل في تغطية العمل بتكنولوجيا الجيل الثالث للإنترنت وما يسمى إنترنت الأشياء، ويستخدم في المدن الذكية والمراقبة الصناعية والزراعة الذكية، وسيعمل على تبادل المعطيات بين الأشياء في مجالات عدة ومنها النقل والفلاحة واللوجستيك، وذلك من خلال استقباله المعطيات وإرسالها للمزودين في مختلف دول العالم.
أن هذا النجاح سيفتح آفاقاً واسعة لتونس في هذا المجال، مشيراً إلى مفاوضات يجريها مجمع « تلنات » مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتمكين الجامعات ومراكز البحث التونسية، ومنها إمكان الاطلاع على تفاصيل هذا المشروع ومشاركتهم تطوراته، وتكوين خبرات تونسية في هذا المجال لإنجاز مشاريع أكبر. ودعا مدير مجمع « تلنات » السلطات التونسية إلى التفكير في بعث وكالة فضاء تونسية والدخول في شراكات أخرى بهذا المجال، مؤكداً أهمية مصادقة تونس على اتفاق الأمم المتحدة لسنة 1974 حول الأقمار الاصطناعية، على غرار عدد من الدول العربية الأخرى، مما سيمكن من تحصل القمر الصناعي » تحدي-1″ على سجل تونسي. يذكر أن شركة « تلنات » للتكنولوجيا والهندسة والبرمجيات تأسست سنة 1994، ببادرة من سبعة مهندسين تونسيين، لتصبح في غضون 25 سنة من أكبر الشركات المتخصصة في الهندسة والتكنولوجيا بأفريقيا، بنحو ألف مهندس تونسي، وطوّرت أنظمة إلكترونية لشركات عالمية عدة في مجالات الهواتف والسيارات والطائرات . ويأتي نجاح تونس في إطلاق أول قمر اصطناعي إلى الفضاء ليبعث ببصيص أمل في بلد مزقته الصراعات السياسية، كما يعتبر خطوة ثابتة نحو تحرير المبادرة للمهندسين التونسيين لاقتحام مجالات جديدة في التجديد والابتكار التكنولوجي.
Laisser un commentaire