السيد نصر الله : المقاومة هي مسألة وجود بالنسبة للبنان وشعبه
أكّد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أن المقاومة في حرب تموز استطاعت أن تثبت قواعد اشتباك تحمي لبنان من خلال معادلة توازن الردع، موضحاً أن هذه المعادلة تشتد يومًا بعد يوم من خلال تطوير المقاومة لقدراتها العسكرية والبشرية والمادية، ولافتاً إلى أن لبنان قوي بمعادلة المقاومة لذلك هم يريدون التخلص منها وعرضهم علينا التخلي عنها كان ولا يزال موجوداً
في كلمة له في الذكرى الـ 14 للانتصار الالهي في تموز، ذكّر السيد نصر الله أن ما جرى في تلك الفترة بدأ بعملية عسكرية ثم تطور إلى حرب وكانت حرباً فرضها العدو الصهيوني على لبنان بقرار أميركي، مشيراً إلى أن لبنان قاتل وحيداً من الناحية العسكرية أمام جيش يعتبر نفسه أقوى جيش في الشرق الأوسط ومن أقوى الجيوش في العالم. وتابع سماحته معدداً نتائج الحرب وكان أبرزها إيقاف وإفشال مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي كانت تقوده الإدارة الأميركية، موضحاً أن كل الوثائق التي نُشرت فيما بعد كانت تؤكد أن الحرب على لبنان كانت جزءًا من هذا المشروع وكان يفترض أن يُهزم لبنان ويخضع للشروط. وأضاف أنه تم اسقاط هذا المشروع وكذلك الاندفاعة الهائلة التي بدأت من احتلال أفغانستان والعراق بفعل الصمود والانتصار في لبنان. وشدد السيد نصر الله على أن حرب تموز كشفت حقيقة الكيان الصهيوني ومستوى الترهل في منظوماته السياسية وجيشه ومنظومته الأمنية وجبهته الداخلية وقدرته على الصمود، ولذلك هو من لجأ الى العالم لوقف الحرب، لافتاً إلى أن هذا الانكشاف ترك آثارًا عميقة حيث ما زالت آثار الهزيمة العسكرية والسياسية والنفسية حاضرة وبقوة في هذا الكيان وما زالت عندنا آثار الانتصار والأمل حاضرة بقوة.وأكد السيد نصر الله أن لبنان قوي بمعادلة المقاومة لذلك هم يريدون التخلص منها لأن أميركا لا تتحمل بقاء قوة في لبنان تحميه وتحفظ سيادته، مضيفاً أنهم فشلوا في الحرب العسكرية وهم يعرفون أن أي حرب عسكرية لن تستطيع أن تؤثر على حزب الله لذلك يحاولون بحروب أخرى وما يجري عندنا في لبنان هو جزء من هذه المعركة
وفيما لفت إلى أن المقاومة هي مسألة وجود وهي الهواء الذي نتنفسه والماء الذي نشربه لنبقى على قيد الحياة، أكد أن المقاومة هي مسألة وجود بالنسبة للبنان وشعبه وهي خيارنا. وجدد السيد نصر الله تأكيده الرد على استشهاد الشهيد علي محسن في الغارات « الإسرائيلية » على سوريا، مشدداً على أن قرار الرد هدفه تثبيت قواعد الاشتباك وليس الاستعراض الاعلامي ولا الغوغائية والذي يثبتها العمل المحسوب والجاد، وأضاف أنّ القرار ما زال قائماً والمسألة مسألة وقت وعلى « إسرائيل » أن تبقى بحالة الانتظار. وإذ لفت سماحته إلى أن « الاسرائيلي » وقف على « اجر ونصف » ولا يزال حتى لا يتم النيل من جنوده، أضاف « ما جرى منذ اليوم الأول لاستشهاد الشهيد محسن الى اليوم هو جزء من العقاب للعدو الصهيوني ». وحول الإتفاق « الإماراتي – الصهيوني »، أوضح السيد نصر الله أن ما قام به بعض الحكام في دولة الامارات ليس مفاجئاً، بل كان ضمن المسار الطبيعي الذي كانوا يتبعونه، وأن توقيت الاتفاق يؤكد أن بعض الانظمة العربية هم خدم عند الاميركي، لأن ما أقدمت عليه الامارات هو خدمة شخصية انتخابية لترامب ولنتنياهو، متوقعاً من الآن حتى الانتخابات الأميركية إقدام أنظمة عربية على توقيع الاتفاقيات مع « اسرائيل ». في المقابل، لفت سماحته إلى أن الواجب الانساني والديني والجهادي والوطني والقومي يحتّم علينا أن ندين ونرفض هذه الخيانة للإسلام والعروبة والقدس والمقدسات، مؤكداً أن جبهة الحق عندما يقدّر لها أن تقترب من الانتصار يجب أن يخرج منها المنافقون و »الطاعنون في الظهر ». وتابع السيد نصر الله « خروج هؤلاء من قضية الحق التي هي القضية الفلسطينية سيجعل جبهة المقاومة تعرف جيدًا صديقها من عدوّها »، ونوّه إلى أنه يجب أن نغضب في قلوبنا ولكن لا نحزن لأنه بذلك تكون سقطت الأقنعة وهذا شئ جيد.
ثم تطرق السيد نصر الله إلى تداعيات انفجار مرفأ بيروت مشيراً إلى أن حزب الله لا يمتلك رواية حول ذلك لأنه ليس الجهة التي تقوم بالتحقيق، مشيرًا في هذا السياق إلى فرضيتين حول أسباب انفجار المرفأ، إما أن يكون عرضيًا أو أن يكون تخريبيًا. وفيما لفت إلى أن « حزب الله ينتظر نتائج التحقيق وهو يدرك أنه معنيٌ بأمن المقاومة المباشر وليست مسؤوليته كامل الأمن القومي ببعده الداخلي، أوضح سماحته أنه « إذا ثبت أن الانفجار عرضي فيجب محاسبة المسؤولين عن هذه الفاجعة، أما اذا ثبت أنه كان تخريبياً فيجب محاسبة المقصرين، ولذلك علينا البدء بالتحيقيق حول من يقف خلفه ». وفي السياق، لفت إلى مشاركة الإستخبارات الأميركية في عملية التحقيق، وأن ذلك يعني إبعاد أي مسؤولية لـ »إسرائيل » عن التفجير إذا كان لها مسؤولية، مشدداً على أن حزب الله الذي لا يمكن أن يتغافل عن قتل أحد من مجاهديه ويصرّ على أن يثبت المعادلة لا يمكن أن يسكت على جريمة كبرى بهذا الحجم اذا كانت « اسرائيل » قد ارتكبتها، متوعداً بأن « اسرائيل ستدفع ثمناً بحجم هذه الجريمة اذا كانت قد ارتكبتها ».
ورأى السيد نصر الله أن الأمر الأخطر من ذلك يتمثل بمشروع إسقاط الدولة الذي نجا منه لبنان، حيث استغلت بعض القوى السياسية آلام الناس، ووجهت ذلك باستهداف العهد وكان رئيس الجمهورية هو المستهدف الأول والضغط عليه من أجل الاستقالة، أما المؤسسة الثانية المستهدفة فهي المجلس النيابي باستقالات جماعية، وبحجة الميثاقية يتجهون عمليًا باتجاه اسقاط مجلس النواب ثم الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة وقد فشلوا في تحقيق المشروعين. وبيّن سماحته أنهم « فشلوا في إسقاط مؤسسة المجلس النيابي لأن هناك قوى سياسية لم توافق إلى الذهاب الى استقالات جماعية مع انها كانت موافقة على انتخابات نيابية مبكرة ». وفي حين نبّه من أن هناك من كان يريد في الأيام الماضية أن يطبق مشروعًا مشابهًا لما حصل منذ سنوات عندما اختطف الحريري وبالتالي الانزلاق الى اقتتال داخلي، شدد سماحته على أن « أي حراك سياسي يجب أن يكون له سقف هو منع سقوط الدولة ومؤسساتها وحصول حرب أهلية في لبنان ». وحول استقالة الحكومة، أكد السيد نصر الله أن الظروف والصعوبات والعوامل هي التي أدت إلى ذلك، لأنه في ظل انفجار بهذا الحجم كان من الصعب أن تصمد، متوجهاً باسم حزب الله إلى الرئيس حسان دياب وحكومته بالشكر منوهاً بشجاعتهم في ظل كل الظروف فقد بذلوا أقصى ما يمكن أن يبذلوه ونتفهم خطوة الاستقالة التي أقدموا عليها. وأضاف « نأمل من حكومة تصريف الاعمال تحمل مسؤولياتها الى حين تشكيل حكومة جديدة ».
وفيما يخص الحكومة المقبلة، طالب السيد نصر الله بحكومة قوية وقادرة ومحميّة سياسيًّا، وأضاف « أيٌّ يكن الرئيس الذي سيكلف، فإن حزب الله سيطالبه بالسعي لتشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة ذات أوسع تمثيل سياسي وشعبي ممكن تضم سياسيين واختصاصيين أولوياتها الاصلاحات واعادة الاعمار ولملمة الجراح بعد تفجير المرفأ والموضوع المالي والاقتصادي والمعيشي والتحقيق الجنائي والمالي ومحاربة الفساد والمازوت والمدارس الرسمية لأن أغلب الشعب اللبناني لم يعد قادراً ان يسجل أولاده في المدارس الخاصة »، ولفت إلى أنه « في رأس الأولويات متابعة التحقيق في ملف تفجير مرفأ بيروت ».
وحول قرار المحكمة الدولية رأى السيد نصر الله أن حزب الله غير معني به، وقال « إذا حكم على أيّ من إخواننا بحكم ظالم كما هو متوقع نحن متسمكون ببراءة إخواننا وبأنهم ابناؤنا وأفرادنا وهذا هو موقفنا وهو قرار كأنه لم يصدر لأنه قرار صدر منذ سنوات بعيدة بالنسبة لنا ». ونبّه سماحته من محاولة استغلال المحكمة لدفع الأمور باتجاه الاستفزاز والشتائم والسباب. وتطرق السيد نصر الله إلى ما يتم تداوله عن الحكومة الحيادية مؤكداً أنها مضيعة للوقت ومطلب مخادع للعبور ولتجاوز التمثيل الحقيقي الذي أفرزه أي شعب من خلال الانتخابات النيابية، لافتاً إلى أن حزب الله لا يؤمن بوجود حياديين في لبنان حتى يتم تشكيل حكومة منهم. وإلى الصابرين من عموم الشعب اللبناني وجمهور المقاومة توجّه السيد نصر الله بالشكر لهم، في ظل الكثير من الممارسات الغير أخلاقية والتحريضية والمشبوهة التي يتعرضون لها والتي تقف خلفها سفارات، لافتاً إلى أنه سيسمّيها في وقت ما. وطالب جمهور المقاومة بالحفاظ على الغضب والغيظ الذي قد نحتاج إليه في يوم من الأيام لإنهاء كل محاولات جرّ لبنان الى حرب أهلية. وفيما لفت السيد نصر الله إلى حديث البعض عن قلق وسفن وعسكريين، قال « لا تخافوا من شيء .. نحن في لبنان أقوياء وفي المنطقة أقوياء بل العدو هو المربك والمشهد أمامنا واضح ». وفي الشأن الصحي تحديداً انتشار فيروس « كورونا »، أعلن السيد نصر الله أن موضوع كورونا خرج عن السيطرة، ولفت إلى أنه علينا التعايش مع اجراءات الوقاية منه، ونبّه أنه من يعدي غيره ويؤدي ذلك الى القتل فهو قاتل وعليه الدية. ختاماً شدد السيد نصر الله على أن الدعوة في لبنان يجب أن تكون مستمرة للحوار وحماية لبنان تكون بالتمسك بالمقاومة وقواعدها وقدراتها والصبر على كل الظروف والبحث عن طرق لتجاوزها، وأضاف « بعون الله تعالى ودعم الناس سبنقى نحن وحلفاؤنا الأقوى في المنطقة
Laisser un commentaire