خط رفيع يفصل بين الأنسنة والاستحمار
محمد رمال – رأي اليوم – يقول الخبر إن أستاذة بعلم اللقاحات في جامعة أكسفورد تستيقظ باكراً عند الرابعة فجراً مع كثير من الأسئلة في رأسها بشأن لقاح لوباء كورونا الذي أغلق العالم، تبدأ العمل مبكرا من منزلها بضع ساعات، قبل أن تستقل دراجتها للذهاب للمعهد حيث تواظب على العمل فيه حتى المساء… لا يستهوي العالمة المذكورة الظهور إعلامياً أو الحديث طويلاً، بل تلتزم العمل في المنزل أو المعهد التابع للجامعة وتترأس فريقاً على وشك انتاج لقاح لديه احتمال بنسبة 80 في المائة ليكون فعالاً ومن شأنه أن يفيد البشرية جمعاء..
انتهى الخبر
ليبدأ ذهنك على الفور في استعراض مشاهد على شاشة ذهنية فسمت نفسها قسمين:
في جانب منها تظهر فيه أستاذة الكيمياء الحيوية تدوس على دراجتها على الرصيف متجهة إلى مختبرها الجامعي الذي سيخرج منه على الأغلب ترياق للناس أجمعين, هي انسانة عادية الشكل والملبس لا يقابلها الناس بأي حفاوة ولا يهتفون لحسبها أو نسبها ولا يهللون لمجهودها العلمي..
وفي الجانب الآخر من الشاشة نفسها مشهد موكب أحد الزعماء يخرق عباب الناس في حماية حراس خرجوا من نوافذ سياراتهم واصابعهم على الزناد متأهبين لإطلاق النار عند أي اختناق مروري قد يعيق موكبه الداكن الرهيب.. ينتهي المشهد الدرامي بترجله من سيارته المصفّحة لترتفع في تلك اللحظة هتافات المتلهفين وتصدح حناجرهم بالفداء له دماً وروحاً حتى تصل الدراما إلى ذروتها فتكتشف أن معظم هؤلاء قد ضحى الزعيم بجنى عمرهم واستهتر بمصالحهم ووظائفهم وأرصدتهم المصرفية!! الثابت بين المشهد وذاك هو ذلك الخط الرفيع الذي يفصل في الواقع بين الأنسنة والاستحمار
Laisser un commentaire