كورونا يقفل على فُسْحاتنا التنفسية
د . عباس دبوق – خاص الفجر – حلول كورونا ضيفا ثقيلا على الربيع وكأنه من أساطير الكائنات الفضائية المجهولة التى لا يؤنسها معظم بني البشر اجبرني واقراني من بني جنسي على التخفي وراء كمامة والاختباء بداعي الحجر مواسيا لنفسي الطائقة لحرية اعتدتها وكنت كغيري ينتقص مِن قيمها متحججا كل مرة بقرارات منع التجوال المتحول مثل كورونا من ضروري الى ذاتي ثم اجباري بتقنية عالية تعتمد على الرقم المفرد والمزدوج لم نشهدها من قبل في بلاد الارز حيث نعمة الاعتدال في طقس بلادي من ساحله مرورا بداخله وصعودا الى جبله وصولا الى كل جغرافيته وذلك لعدم الحاجة الى تقنين اي شي في هذا البلد غير الكهرباء، فالبلد ترعرع وشبَّ وهرم في كنف كل الاشياء الملعونة التى تنشر فيروساتها فسادا ونفاقا ومكروبات طائفية بين أوصال الوطن وأنسجة المواطن الحياتية التنفسية، وهي مثبتة بالتحاليل المخبرية العلمية النظيفة سواء المحلية او العالمية بانها أشد خطورة وفتكا من ضيفنا الثقيل كورونا المتحول. لذلك وجدت نفسي وقد أطفأت جميع الأزرار وأصبحت مركبتي لا تعرف الضوء فأكل ما أشاء ثم أكل ما أشاء واعود لاكل من جديد بعدما ادركت ان هذه الحرية مازلت مطلقة وحتى لا يحوّلها كورونا عنوانا للمرحلة أضفت الى منوعات مائدتي كتابا وقلما وقرطاسا بنكهات ووصفات اجد فيها غذاءا فكريا وروحيا وفلسفيا يثقل جهازي المناعي تجاه شرور الحياة وشواردها ما يمكنني ويساعدني من تذوق اكثر من صنوف نعمها وخيرها في الحب والعشق والإيثار والتأمل بمساحات حياتنا الضيقة والتخلي والغوص عميقا بكل ما يغذي الفطرة الانسانية السليمة بنكهتها الطبيعية، وهكذا غدوت فعندما يلمع شعاع ضوء خافت من بعيد الى دماغي تجدني أسرع اليه واحجبه بستارة واقية من نسق الكمامة متحججا كل مرة بقرارات منع التجوال، شبكة خلايا مخي الواسعة والمنتشرة الى جميع شراين جوارحي لا تكف عن الإعلان بواسطة مكبرات الصوت المتدفقة من طائرات الهليكوبتر اني لا احب لأحد ان يقتحم هدوء خيالي وسكينة وحدتي وجمال ترنيمة بكاء طفلي. المسموح هو لمن يرقص معي وفقا لقواعد مكاني وزماني ونوعية قواعدي واحكامي فهي كثيرة مضحكة احيانا ومملة احيانا كثيرة. ادرك فيها افكاري تغذو احياء مدني الواسعة النائية بدون طائرات او قطارات او سفنا مما صنعه التفوق الإنساني وقد تمسمرت بقواعد امكنتها مجبرة بعد ان أعلن عليها ضيفنا الثقيل الحجر هي كذلك وأكثر ما اخشاه ان تتحول خردة تتأكلها فيروسات الصدأ الى وقت غير معلوم فيه متى ينجز الانسان العاجز اليوم المتعجرف بالامس انتصاره على كورونا المتجاوز لكافة الحدود والمطارات الجوية والبحرية ولسائر خفر الحدود والسواحل معطلا لكامل منظوماتها العسكرية والأمنية والانترناتية على نحو بت متسائلا عن جدوى التمسك بوثيقة جواز سفري. مع حلول هكذا ضيف تصبح للحياة معنى اخر ووجه ولون اخر وطعم اخر حياة لا لون لها ولا طعم نبحث فيها عن حلول لكل هذه المعاناة الذي كشفه نظام الضيف الثقيل والدقيق بغزوته المحكمة الذي ارى ببعض صوره أضحوكة ومنها بداية قصة ومنها حلم قاسي باتت تنتهي حكاياته اليومية والمسائية التى سوف يفتقدها صغارانا وشيوخنا المنكفئة على حلقات تسامر تنتشر تخصيصيا فقط على شبكات تواصلنا الاجتماعي.فهل سنتغلب على محاصرة عدونا ونقهره لأول مرة بعكس سيادة منطق العدو هو الذي يحاصر الخصم حتى ينال منه ضعفا ومكمنا مميتا ليخضعه لنثرياته الاقتصادية وطرقه السياسية ؟ وهل من ثم نرجع الى عوائدنا الجميلة والبالية في آن ونثقل كفة صبرنا وشفاؤنا من فيروسات مزمنة في في ميزان فُسْحاتنا التنفسية ونحررها من ضيق حياتنا الى بحور ازماننا
Laisser un commentaire