كورونا : الآثار الاقتصادية على الصين والاقتصاد العالمي
من المرجح أن ينخفض معدل النمو الاقتصادي في الصين بنسبة 1٪ إذا استمرت حالة الطوارئ بسبب انتشار فيروس كورونا. ويمكن أن يكون للمشاكل الاقتصادية في الصين تأثير مدمر على الاقتصاد العالمي. كان الاقتصاد الصيني أكثر استقراراً في الربع الأول من هذا العام. وكان الاتفاق التجاري الأولي بين الولايات المتحدة والصين أحد العوامل التي ساهمت في استقرار الوضع الاقتصادي في هذا البلد. وبعد التراجع غير المسبوق في النمو الاقتصادي الصيني في الربع الأخير من العام الماضي، كان هناك أمل في تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد. تجدر الإشارة إلى أن معدل النمو الاقتصادي في الصين بلغ ستة في المئة في الربع الأخير من العام الماضي، وكان غير مسبوق في العقود الثلاثة الماضية. المركز الرئيسي لتفشي فيروس كورونا هو مدينة “ووهان”. ووهان مهمة جداً من ناحية نقل البضائع. وللعديد من الشركات العالمية الکبيرة، بما في ذلك شركتا “بوش” و”باستو” الألمانيتان، فروع في هذه المدينة، والتي تلعب دوراً هاماً في نقل البضائع إلى هذه الشركات. حالياً، هذه الشركات مضطرة لتغيير مسار شحن البضائع والسلع. وخلال انتشار مرض “سارس”(متلازمة الضائقة التنفسية الحادة الوخيمة)، انخفض معدل النمو الاقتصادي في الصين بنحو واحد في المئة. وفقاً لتقييم المحللين الاقتصاديين، يمكن لفيروس كورونا هذه المرة أيضاً خفض معدل النمو الاقتصادي في الصين بمقدار النصف إلى واحد ونصف في المئة. لقد استغرق احتواء فيروس “سارس” في الصين سبعة أشهر. وإذا استغرقت مكافحة فيروس كورونا مثل هذا الوقت أيضًا، فيمکن التهکن بأن تكون عواقبه الاقتصادية أوسع من أزمة “سارس
كورونا يؤثر على الاقتصاد العالمي
يمكن تقدير الآثار الاقتصادية المترتبة على استمرار حالة الطوارئ بسبب تفشي هذا المرض، استناداً إلى خبرة سنوات الـ 17 الأخيرة. في ذلك الوقت، أزَّمة تفشي “سارس” الاقتصاد الصيني، وأثر على الاقتصاد العالمي بأسره. التجارة الأقل، الانخفاض الحاد في عدد المسافرين إلى الصين ومن الصين إلى البلدان الأخرى، والانخفاض الحاد في أسعار الأسهم، کان من عواقب تفشي مرض “سارس” في هونغ كونغ في عامي 2002 و2003. يمكن أن يكون التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا على الاقتصاد العالمي أشد بكثير مما تسبب به فيروس سارس. كانت حصة الصين من الاقتصاد العالمي حوالي 5٪ في فترة انتشار فيروس سارس في هونغ كونغ، بينما وصلت حصة الصين من الاقتصاد العالمي اليوم إلی أكثر من 16٪. لذلك، يعتقد المحللون الاقتصاديون أن سعالاً صغيراً من قبل الصين يكفي لإصابة العالم بأسره بالمرض
في الوقت نفسه، لم يخف المسؤولون الأمريكيون سعادتهم بتفشي كورونا. بمن فيهم وزير التجارة الأمريكي “ويلبور روس” الذي أقر مؤخراً بالدور الأمريكي في تفشي المرض في الصين في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، وقال إن تفشي کورونا في الصين يمكن أن يسهل عودة الوظائف إلى الولايات المتحدة. وصرح روس في مقابلة تلفزيونية أنه “أعتقد أن هذا سيساعد في تسريع عودة الوظائف إلى أمريكا الشمالية”. مع ذلك، منتقدو إدارة الرئيس دونالد ترامب انتقدوا تصريحات وزير التجارة، وشكك عضو الكونغرس “دون باير” في الفوائد التجارية أثناء تفشي هذا الفيروس المميت. كذلك، شكك عدد من الاقتصاديين في تصريحات روس. ووصف “سيمون بابتيست” من وحدة الاستخبارات الاقتصادية في سنغافورة، في مقابلة مع بي بي سي، تصريحات وزير التجارة بأنها “غريبة”. وقال: “لا تتخذ الشركات قراراتها الجدية وطويلة الأجل على أساس تفشي مرضٍ يمكن أن يستغرق ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر”. يقول بابتيست إن الفيروس الجديد يمكن أن يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد الأمريكي، وفي الحقيقة ستكون أمريكا خاسرةً بشکل کامل، لأنه على الرغم من كل ذلك، لا تزال الصين سوقًا كبيرةً للولايات المتحدة، لذلك إذا تباطأ النمو الاقتصادي الصيني بشكل كبير، فقد يكون له تأثير كبير على الولايات المتحدة
الشكوك حول دور أمريكا في انتشار كورونا
وفقًا لوجهة نظر وزير التجارة في إدارة ترامب، الذي اعتبر تفشي كورونا لصالح الاقتصاد الأمريكي، فقد يكون من الممكن أن يكون انتشار هذا الفيروس نتيجةً للأداء البشري وبناءً على تخطيط مسبق. في الحقيقة، يبدو أنه علی الرغم من أن النمو السلبي والآثار السلبية للاقتصاد الصيني بسبب کورونا يمكن أن يؤثرا على الاقتصاد الأمريكي أيضاً، ولكن المسؤولين الأميركيين بمن فيهم وزير التجارة، ينظرون الآن في الفوائد قصيرة الأجل لهذه الأزمة، من حيث جذب فرص العمل من الصين. من ناحية أخرى، يتماشى هذا أيضًا مع تضخيم وسائل الإعلام الأمريكية والغربية للأوضاع، ويبدو أنها تحاول تصوير الوضع الداخلي للصين بشكل متأزم للقول إن الاستثمار غير آمن فيها، ونتيجةً لذلك، يخصِّص الإعلام الغربي تغطيةً واسعةً للوضع الصيني خلال انتشار كورونا. أغلقت عدد من المؤسسات العالمية أبوابها في الصين، وأوقفت خطوط إنتاجها بشكل مؤقت، خصوصا المصانع العالمية التي نقلت مقراتها ومنشآتها إلى الأراضي الصينية للاستفادة من الميزات والتسهيلات الكبيرة المتواجدة في الصين، مثل انخفاض أجور اليد العاملة وانخفاض تكاليف الإنتاج، بالإضافة إلى انخفاض أجور النقل واسعار القطع.
شركات السيارات المتوقفة
تضمنت الشركات المتضررة قائمة من أشهر السيارات العالمية، مثل « تويوتا » و « نيسان » و « هوندا » اليابانية، و »هونداي » و »كيا » الكوريتين الجنوبيتين، وشركة « تسلا » عملاق صناعة السيارات الكهربائية في العالم، والذي افتتح مصنعه حديثا في الصين، و « بيجو » و « ستروين » الفرنسيتين، و « فولكسفاغن » و « بي إم دبليو » الإلمانيتين، و « فولفو » السويدية، و « فيات » و »كرايسلر » الإيطالية، و « فورد » متعددة الجنسيات، والأمريكية « نيرال موتورز
الأضرار تجاوزت معامل الصين
لم تقتصر الأضرار على المعامل المتواجدة في داخل الأراضي الصينية، فالصين تصدر أكبر عدد من قطع الغيار، وبأسعار منخفضة تنافس الأسواق العالمية الكبرى، فقد وصلت الأضرار إلى المعامل لأشهر ماركات السيارات في بلد المنشأ، فقد علقت شركتي « هونداي » و « كيا » بعض خطوط الإنتاج في بلد المنشأ، كوريا الجنوبية، بسبب نقص قطع الغيار، ونقص الأجزايء الموردة من الصين بعد توقف عمليات الاتيراد والتصدير. تمتلك « هونداي » 7 مصانع في كوريا الجنوبية 5 منها في الصين، بينما تمتلك 10 في الخارج 4 منها في الصين.
الصين سوق كبرى للشركات العالمية
من جهة أخرى تعتبر الصين من أكبر أسواق السيارات العالمية، وأدى عزوف المشترين، إلى تأثر قطاع مبيعات السيارات العالمية بشكل كبير، ومن المتوقع أن تنخفض المبيعات مع استرمار الأزمة بمعدل 25 – 30% في الفترة من بدية يناير/كانون الثاني إلى فبراير/شباط بحسب رابطة السيارات الصينية
اضطربات في عمليات التصنيع
وحذرت أشهر الشركات العالمية على رأسها « تويوتا » و »هونداي » و « كيا »من حدوث اضطرابات في عمليات التصنيع، وستقوم بعض الشركات بإعادة تشغيل نسبة 15% من خطوط إنتاجها في هذه المعامل. وأظهرت بيانات صادرة عن شركات عالمية انخفاضا بنسب المبيعات في الأسواق المحلية والخارجية بنسبة 6% في الشهر الماضي، لتسجل مبيعات تقدر بحوالي 553سيارة. وتعتبر مدينة ووهان الصينية مركز تفشي وباء كورونا الجديد، الذي يعتقد أنها انتقلت من الحيوانات البرية إلى البشر في سوق المدينة، وأعلنت منظمة الصحة العالمية، حالة الطوارئ الصحية الدولية استجابة لتسارع انتشار الفيروس الذي وصفته بـ »الوباء »، مؤكدة في الوقت ذاته إمكانية وقف انتشاره حال اتخذت جميع البلدان تدابير للكشف المبكر عن المرض وعزل المرضى وتتبع اتصالاتهم
Laisser un commentaire