تركيا وروسيا وجها لوجه في ليبيا
شهدت حرب الأشقاء القائمة في ليبيا منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، تسارعا ملحوظا مع تزايد إجراءات تركيا في الأيام الأخيرة. و قد صوت البرلمان التركي على نشر جنود أتراك في ليبيا دعما لحكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج المهددة بحملة عسكرية لقوات خليفة حفتر. موافقة البرلمان ستنضم تركيا رسميا للمسرح الليبي إلى جانب قوى أخرى، علما أنها موجودة عمليا هناك، خصوصا من خلال تزويد حكومة السراج بأسلحة وطائرات مسيرة. وهي تنوي من خلال نشر جنودها صف بيادقها في مواجهة روسيا ومصر والإمارات التي تدعم حفتر. ويرى خبراء أنه يبدو أن حفتر يحرز تقدما في حملته على العاصمة طرابلس بفضل تعزيزات من مئات المرتزقة الروس، وذلك بعد أن فشلت هجماته الأولى في نيسان أبريل 2019. وهذا الحضور الروسي الذي تنفيه موسكو باستمرار، أكده مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة الذي عبر عن قلقه إزاء تفاقم تدويل النزاع. وأكد محللون معلومات تداولتها شبكات التواصل الاجتماعي عن وصول مقاتلين سوريين لحساب تركيا إلى طرابلس رغم نفي حكومة السراج. فكما حدث في سوريا نشهد « كوريغرافيا معقدة جدا وشديدة التضارب » بين فاعلين، تركيا وروسيا، « لا يجمعهما ود وليسا حليفتين » لكن يمكن أن تلتقي مصالحهما ». وكانت روسيا وإيران، أبرز داعمي النظام السوري، وتركيا التي تدعم المعارضة السورية، التقت ضمن عملية أستانا للسلام التي دشنت في 2017 بعد فشل عدة جولات تفاوض نظمتها الأمم المتحدة في جنيف. كما اجتاحت تركيا مدعومة من مسلحين سوريين موالين لها، منطقة في شمال شرق سوريا بداعي التصدي لمجموعات مقاتلة كردية سورية. غسان سلامة، المبعوث الأممي إلى ليبيا، في عدد صحيفة لوموند الفرنسية يوم أمس « هل يمكن أن يتكرر أمر مماثل (للنموذج السوري) في ليبيا؟ » مضيفا « جوابي نعم ». فيما لم يسبق أن حدثت مواجهة مباشرة بين أتراك وروس على الأراضي السورية، وعلى غرار ذلك لن تحدث بينهما مواجهة متعمدة ومقصودة ومكثفة على الأرض الليبية ». بيد أنه في المقابل ستحدث « أخطاء وانزلاقات » بين الليبيين من خلال « جهات راعية » (قوى خارجية) متعارضة « ولن يكون الأمر جيدا، سيموت ليبيون » وسيعني هذا التدخل الروسي التركي المزدوج انحسار نفوذ الأوروبيين وأولهم فرنسا، في نزاع يدور على أبوابهم مع ما يحمله من تهديدات إرهابية وتدفق مهاجرين. ولكن في نهاية المطاف الزعامة لن تكون غربية. وسيبرم الروس والأتراك يالطا جديدة في ليبيا »، في إشارة إلى تقاسم النفوذ الأميركي السوفيتي في 1945، مضيفا « إنهما يواصلان نفس المنطق المناهض لأوروبا ولفترة ما بعد (النفوذ) الأميركي » مع انكفاء واشنطن داخليا. ولزمت فرنسا، التي كانت حاولت القيام بوساطة في ليبيا بعد انتخاب الرئيس إيمانويل ماكرون في 2017 وفتحت قنوات حوار مع حفتر وأغضبت إيطاليا المستعمر السابق لليبيا. ويقول كثيرون إن باريس تدعم بحكم الأمر الواقع حفتر لكن السلطات الفرنسية تنفي ذلك. وأخذت ألمانيا (عن كاهل فرنسا) الملف مع هدف جمع الداعمين الدوليين وأبرز الفاعلين في الأزمة حول طاولة حوار في كانون الثاني/ يناير في برلين في إطار عملية تشبه عمليات مفاوضات الأمم المتحدة، لكن يبدو أن فرص نجاحها تتضاءل. أن تركيا تريد « التوصل إلى تسوية سياسية تضمن إنقاذ حكومة الوفاق الوطني » وتحفظ مصالحها الاقتصادية في ليبيا. ويضيف الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد « راند » الأميركي للأبحاث في واشنطن ناتان فيست أن « كل ذلك يندرج ضمن تنافس أوسع، على الموارد والنفوذ، وكانت تركيا قد وقعت في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 اتفاقا مع حكومة السراج يسمح لها بحقوق على مناطق واسعة من شرق البحر المتوسط غنية بالمحروقات
Laisser un commentaire