الحراك الشعبي الى أين ؟
حسن محفوظ – رأي اليوم – خاص الفجر – مما لا شك فيه ان الوضع الاقتصادي الصعب والمتردي هو الدافع الاساسي والحقيقي لنزول اللبنانيين في 17 تشرين الاول الى الشارع وليس انطلاقا من خلفياتهم الدينية أوالمذهبية أو المناطقية. فهم يطالبون بإسقاط المنظومة السياسية الفاسدة التي تفرضها نخبةٌ سياسية وطائفية واقتصادية حرمتهم لفترة طويلة جداً من التقدم الاقتصادي ولمجرد القدرة على تأمين معيشة شريفة. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الان وخاصة بعض طرح كل المطالب ورفع كل الشعارات وفي ظل وضع اقتصادي خطير جدا هل حقا ستتمكن هذه الحركة الشعبية في الوصول الى تحقيق اهدافها ؟ وهل حقا ان الانتماء الوطني الخالص قد استطاع القضاء داخل عقلية وعاطفة اعضاء الحراك على اي انتماء طائفي ومذهبي او مناطقي عشائري ؟وهل اصبحوا بين ليلة وضحاها علمانيين ويطالبون بفصل الدين عن الممارسة السياسية ؟ بدأ الربيع العربي في تونس وكان التغيير سهلا لآن المجتمع التونسي من مذهب واحد وحزب حاكم واحد اما في لبنان فالمشكلة ان النظام قائم على تقاسم النفوذ بين عدة رؤوس وكل منها تمثل طانفة معينة واغلبية الشعب اللبناني يتغلب عنده الانتماء الديني على الانتماء الوطني مهما حاول انكار ذلك والتجارب التاريخية تثبت ذلك فلكل طائفة في لبنان مدراسها الخاصة وقضاتها وموظفيها وبنوكها ووسائل اعلامها هذه هي الصيغة الفريدة من نوعها في العالم مجموعة طوائف اتفقوا على العيش في بيت واحد وتقاسموا ادارتة سويا صحيح ان الفساد والسرقة يستشري في ادارة هذا البيت ولكن المشكلة ان سكان هذا البيت يخافون على طوائفهم اكثر من خوفهم على بيتهم هذه هي المشكلة الحقيقية التي تواجه الحراك الشعبي اليوم فهل ستقوم كل طائفة بالانقلاب على مراجعها بسبب الضائقة الاقتصادية التي تعاني منها ؟وهل تستطيع هذه الحركة الشعبية المباركة مواجهة وتغيير هذه التركيبة والعقلية اللبنانية ؟وهي ان تحولت الى حزب او حركة او تيار فهل ستضطر الى مراعاة التركيبة الطائفية اللبنانية في تأليف مجلسها القيادي او تعيين رئيسها هذا هو لبنان ولا حل واقعي في ظل الظروف الحالية الا التركيز على اصلاح القضاء الذي هو الدعامة الاساسية لأي مجتمع صالح وفضح جميع السارقين مهما علا شأنهم اما التغيير الشامل فهو بحاجة لأجيال واجيال
Laisser un commentaire