فيسبوك من مشروع طالب الى اهم وسيلة تواصل وحوار
لم تكن نية مارك زوكربرغ ورفاقه في أول الأمر سوى إطلاق شبكة اجتماعية خاصة بتبادل المعلومات والصور والآراء بين طلاب جامعتهم هارفارد. أطلقوا على تلك الشبكة اسم: فيسبوك. وفي الرابع من فبراير/ شباط 2004 تم تأسيس الشبكة رسمياً، ليتوافد عليها طلبة من جامعات أخرى وتلقى رواجاً ونجاحاً مهمين. هذا النجاح دفع مؤسسي « فيسبوك » إلى فتح باب العضوية للجميع ابتداءً من نهاية عام 2006.كان لـ« فيسبوك » قدرة خارقة على اختصار المسافات والربط بين أطراف العالم بضغطة زر، حيث زاد المقبلون على استخدامه إلى الملايين منذ إنشائه. وقد تجاوز مستخدموه الآن ربع سكان العالم، كان مارك زوكربرغ قد كتب في تدوينة له السنة الماضية (2017) على « فيسبوك » أن عدد المشتركين وصل إلى ملياري شخص، في حين كان عددهم مليون شخص عام تأسيسه (2004).اختراق « فيسبوك » للعالم وحيازته لمساحة مهمة من حياة الناس لم يكن بمحض الصدفة. فقد أتاح لمستخدميه فرصة التواصل مع العالم الخارجي والتعارف كما التعرف على أشخاص وأماكن جديدة، بالإضافة إلى الانفتاح وتبادل المعلومات والإدلاء بالآراء والمواقف الشخصية، سواءً عن طريق نشر تدوينات أو صور أو حتى مقاطع فيديو. هذه الميزات والتقدم الذي عرفه الموقع جعل كثيرين يطلقون عليه « الكوكب الموازي ».استطاع « فيسبوك » أن يكتسب شهرة عالمية ويعقد بذلك شراكات مع مؤسسات معروفة. كما مكنته الأموال التي حصل عليها عن طريق الإعلانات من « الاستحواذ » على برامج أخرى. وتعتبر شركة « مايكروسوفت » من بين الذين قدموا عرضاً لشراء « فيسبوك » عام 2007 بشراء حوالي خمسة في المائة من أسهم « فيسبوك ». أما بالنسبة للمواقع التي ضمها إليه، فقد كان تطبيق « إنستغرام » أولها عام 2012، تلاها « واتساب » عام 2014.اعترفت بعض المحاكم بـ »فيسبوك » منذ 2008. كما عوقب كثيرون بسبب نشرهم لمحتوى « لم يرق » لدولهم أو جهات أخرى. وكانت وزارة الداخلية المصرية عام 2014، مثلاً، قد ألقت القبض على سبعة أشخاص يستخدمون موقع « فيسبوك » « للتحريض » ضد قوات الأمن، حسب ما نقلت رويترز آنذاك. كما حُظر الموقع في بعض الدول كسوريا وإيران. لكن سرعان ما رُفع هذا الحظر. المنع لا يخص الدول، بل يشمل بعض الإدارات التي منعت موظفيها من استعماله.شكل « فيسبوك » مساحة للإدلاء بوجهات النظر دون أي قيد قد يواجه المستخدم على أرض الواقع. الثورة في مصر عرفت طريقها نحو الواقع من « فيسبوك »، الذي لعب دوراً مهماً في تحويل قضية الشاب خالد سعيد إلى شرارة لإطلاق ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، وهو ما أشار إليه الناشط المصري وائل غانم في كتابه « ثورة 2.0 ». لكن الحرية بدأت تتراجع حين اعترفت المحاكم بالموقع وصارت الجرائم الإلكترونية ضمن ما تعاقب عليه هناك.خلق « فيسبوك » أرضاً خصبة لمجموعة من الأنظمة التي سخرته لخدمة مصالحها السياسية. وكان الجيش السوري الإلكتروني، واحداً من أبرز هؤلاء، حسب ما ذكر بعض المراقبين. فقد شن انطلاقاً من الموقع حرباً إلكترونية، وذلك باختراقات أو إغراق الصفحات بتعليقات مؤيدة للنظام و اتهامات بالخيانة للمعارضين. بالإضافة إلى إرسال بلاغات لـ »فيسبوك » بإغلاق حسابات لمعارضين. »انتهاكات خصوصية المستخدمين، تسريب البيانات وإمكانية استغلالها من طرف الاستخبارات، فضلاً عن نشر مواد تدعو إلى العنف والكراهية والتمييز… » كلها انتقادات وجهت لـ »فيسبوك ». لكن كريس هيوز، المتحدث الرسمي باسم الشركة سابقاً، رد على هذه الانتقادات بقوله: « لم نقم من قبل مطلقاً بتزويد أطراف آخرين بالبيانات الخاصة بمستخدمي الموقع، ولا نعتزم القيام بذلك على الإطلاق »، حسب ما تناقلته عدة مواقع إلكترونية.رفعت العديد من الدعاوى القضائية ضد « فيسبوك »، كما رفع هو الآخر ضد مستخدمين. كان أول الدعاوى ضد الشبكة عام 2004، إذ اتهمت شركة « كونكت يو » مارك زوكربرغ بسرقة الأفكار التي وضعوها حول الموقع واستخدام الكود الرئيسي الخاص بهم. كما رفع الموقع هو الآخر دعوة ضد ضد آدم جوربوز، وحصل على تعويض قيمته 873 مليون دولار.مسألة الحصول على بيانات المستخدمين جعلت « فيسبوك » محط محاسبة في مرات كثيرة؛ آخرها يوم 20 مارس/ آذار 2018. فقد دعت لجنة من المشرعين البريطانيين من مختلف الأحزاب رئيس « فيسبوك » إلى تقديم تفسير بخصوص « إخفاق شركته الكارثي » في حفظ البيانات الشخصية. كما قررت السلطات البريطانية التحقيق بشأن شركة « كامبريدج أناليتيكا » البريطانية، التي اتهمت بحيازة غير قانونية لمعطيات مستخدمي الشبكة
Laisser un commentaire