ماكرون وبوتين يختلفان حول الازمة السورية وحقوق الإنسان
عبر الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي إيمانويل ماكرون عن استعدادات طيبة لإحداث انفراج في العلاقات بين بلديهما، لكن الخلاف لا يزال قائما بينهما حول سوريا وحقوق الإنسان. وأعرب ماكرون لدى استقباله بوتين في المقر الصيفي للرئاسة الفرنسية في بريغانسون بجنوب فرنسا، عن « القلق البالغ » حيال الوضع في إدلب، آخر محافظة لا تزال خارجة كليا عن سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد والتي تتعرض لقصف عنيف سوري وروسي. وأكد ماكرون مخاطبا نظيره الروسي في مؤتمر صحافي مشترك على ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار في المنطقة. وقال « لا بدّ لي من إبداء قلقي البالغ حيال الوضع في ادلب. فسكان ادلب يعيشون تحت القصف، والأطفال يُقتلون. من الملح للغاية التقيد بوقف اطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه في سوتشي » في أيلول/سبتمبر الماضي. ومنطقة إدلب مشمولة باتفاق توصلت إليه روسيا وتركيا في سوتشي في أيلول/سبتمبر 2018، نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كيلومتراً تفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل. كما يقضي بسحب الفصائل المعارضة لأسلحتها الثقيلة والمتوسطة وانسحاب المجموعات الجهادية من المنطقة المعنية. لكنّ هذا الاتفاق لم يُستكمل تنفيذه، وتتهم دمشق تركيا الداعمة للفصائل المقاتلة بالتلكؤ في تطبيقه، وإن كان نجح في ارساء هدوء نسبي في المنطقة لأشهر عدة. ومنذ أواخر نيسان/ابريل الماضي صعّدت سوريا وروسيا قصفهما لمنطقة ادلب التي يعيش فيها نحو ثلاثة ملايين شخص، ما أدى إلى مقتل أكثر من 860 مدنيا. إلا أن بوتين قال ان روسيا التي دخلت النزاع في 2015 إلى جانب نظام الاسد، تدعم عمليات الجيش السوري في ادلب التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) وفصائل إسلامية أخرى. وتابع « نحن ندعم جهود الجيش السوري .. لوضع حد لهذه التهديدات الارهابية ». وأضاف « لم نقل أبدا أن الارهابيين في ادلب سيشعرون بالراحة ». واختلف الرئيسان أيضا حول الوضع في أوكرانيا، إذ دعا ماكرون إلى عقد قمة رباعية تجمع فرنسا وروسيا وألمانيا وأوكرانيا « خلال الأسابيع المقبلة » حول هذا النزاع الذي يسمم العلاقات الروسية الأوروبية، فيما اكتفى بوتين بالإعراب عن « تفاؤل حذر » حول هذا الملف وإبداء استعداده لمناقشته. ودفع ماكرون باتجاه تقارب بين الاتحاد الأوروبي وروسيا في ظل العلاقات المعقدة القائمة بينهما، داعيا إلى استعادة « الثقة » في نظام دولي « في طور إعادة التشكل ». وقال إنه بالرغم من « سوء التفاهم حول مواضيع عدة خلال العقود الأخيرة » فإن روسيا « أوروبية » و »علينا أن نعيد ابتكار بناء من الأمن والثقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا ». وفي بادرة رمزية، أعلن ماكرون أنه سيزور موسكو في أيار/مايو 2020 لحضور الاحتفالات بالذكرى الـ75 للانتصار على ألمانيا النازية. ورد بوتين مبديا « امتنانه » للرئيس الفرنسي لقبوله الدعوة إلى هذه الاحتفالات التي يعلق عليها الروس أهمية كبرى وقاطعها الغربيون منذ أن احتلت روسيا القرم من أوكرانيا وضمتها. وسئل بوتين عن قمع التظاهرات المطالبة بالديموقراطية في الأسابيع الماضية في روسيا، فذكر بأعمال العنف التي رافقت حركة « السترات الصفراء » الاحتجاجية في فرنسا في أواخر العام الماضي وحتى الربيع. وقال بوتين « لا نريد وضعا مماثلا » للذي قام في باريس مؤخرا، مؤكدا أن السلطات الروسية ستتحرك لإبقاء تظاهرات المعارضة في موسكو في إطار القانون
Laisser un commentaire