كلمة وزير الخارجية جبران باسيل خلال القمة الإقتصادية العربية
سوريا هي الفجوة الاكبر اليوم في مؤتمرنا، ونشعر بثقل فراغها بدل ان نشعر بخفّة وجودها. سوريا يجب ان تعود الينا لنوقف الخسارةَ عن انفسِنا، قبل ان نوقفها عنها. الشكر لكلّ دولة حضرت على اي مستوى كان بالرغم من الظروف السيئة المحيطة بمنطقتنا وببلدنا ونحن مسؤولون عن جزءٍ منها؛ والأسف منا لأي دولةٍ لم تحضر لأننا كعرب لا نعرف ان نحافظ على بعضنا بل نحترف ابعاد بعضنا واضعاف انفسنا بخسارة بعضنا. مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية كثيرة ونحن مسؤولون عن تعاظمِها، لأنه بدَل تكاتُفِنا لحلّها ترانا نختلف اكثرَ لتكبرَ اكثرَ، وبدلَ التضامن لنخفِّفَ آثارها ترانا نشنّ الحروب على بعضنا ليشتدّ بؤسَها. يبقى ان لبنان مهما اخفق او اخطأ، يبقى هذا البلد الصغير الكبير، اخاً صغيراً لكم ورسالةً كبيرةً لكم. احتضنوه ولا تتركوه، فهو لم يطعن يوماً احداً منكم ولم يعتدي يوماً على اي مواطن عربي، بل كان ملجأً وحامياً وحافظاً لشعوبكم ومعمّراً لبلدانكم، ومستوعباً لتنوّع حضاراتكم وثقافاتكم ويبقى دوماً واحة المحبة لكم والضيافة بكم والتهليل لكم ولقدومكم. احضنوه ولا تتركوه فهو منكم ولكم ولن يكون يوماً الا خيراً لكم لا تخسروه لكي لا تخسروا عروبتكم وجامعتكم لست هنا لالقاء اللوم على بعضِنا، بل للتأّمل سوياً والتساؤل: الم يحن الوقت بعد لصحوةِ ضمير، لاستفاقةِ مشاعر، ولاحياء روح التضامن؟ دون ان أُغفل من اعطى واكرم وساعد وضحّى وبذل حتّى دماً في سبيل اخيه. اذا كان لا سبيل بعد لصحوة سياسية على مستوى ما وصلنا اليه وكيفية الخروج منه، الا يجدر بنا ان نضع معاً خططاً مستقبلية، ولو نظريّة لتخفّف من ازماتنا، وترفع من مستوى حياتنا وتفتح الفرص امام شبابنا؟ كم جميلٌ مثلاً ان نخرجَ على شعوبنا، بسكّة حديد تربط بلداننا، بخط غازٍ يأخذ غاز لبنان الى العراق ونفط العراق الى لبنان، وبربط كهربائي، وبمرافئ تجعل المتوسط على حدود العراق والبحر الاحمر على حدود سوريا، وبسدودٍ من لبنان تغذّي الاردن وبمعامل من الاردن تغذّي لبنان. تعالوا معاً نضع رؤية اقتصادية عربية موحّدة، مبنية على مبدأ سياسي بعدم الاعتداء على بعضنا وعدم التدخّل بشؤونِ بعضِنا، هذا ان لم نُرد الدفاع عن بعضنا او صدّ عدوّنا المفترض ان يكون مشتركاً؛ مبدأ سياسي ضروري لكي نؤمّن الاستقرار. لم نحترم تجاه بعضِنا مبدأ تقاسم الاعباء ولا حتّى فكرة تقاسم الهموم، بل رَمَينا مشاكلَنا على بعضِنا، بل اكثر، رَمينا مشاكِلَنا على شعوبِنا في الداخل وحرمناهم من نِعَمِنا اعطيناه موارِدنا ومالَنا في مقابل تسليح لنقتل بعضَنا بدل َحمايةِ اوطاننا في وجهِ عدوّنا. سوريا يجب ان تكون في حضننا بدل ان نرميها في احضان الارهاب، دون ان ننتظر اذناً او سماحاً بعودتها، كي لا نسجّل على انفسنا عاراً تاريخياً بتعليق عضويتها بأمرٍ خارجي وباعادتها باذنٍ خارجي، وكي لا نضطر لاحقاً الى الاذن لمحاربة ارهاب او لمواجهة عدو او للحفاظ على استقلال. كم جميل ايضاً ان نخرج بخطّة اعادة النازحين واللاجئين الى ارضهم، بمعزل عن رغبة من هجّرهم، لأن من هجَّرَهم يريد ابقاءَهم، اما نحن المستقبلين لهم نريد عودتهم الكريمة ولا احد يمكن ان يمنعنا من ذلك اذا جعلناها كريمةً لهم، ومفيدة لاقتصاد بلدانهم
Laisser un commentaire