ضجة في اليابان وفرنسا بعد اعتقال كارلوس غصن
يغرق توقيف رجل الأعمال الفرنسي البرازيلي من أصول لبنانية كارلوس غصن (64 عاما) بشبهة مخالفات مالية في اليابان مجموعة السيارات رينو-نيسان-ميتسوبيشي الأولى في العالم، في حالة من البلبلة إذ أنه ليس لديها خليفة معين للرجل الذي كان وراء تشكيلها ومثل ركيزتها. وقبل التجديد له كرئيس مجلس إدارة لفترة أخيرة من أربع سنوات في بداية السنة، ألزم مساهمو رينو كارلوس غصن بإعطاء الأولوية لاستمرارية التحالف الثلاثي. وعلى لسان الرئيس إيمانويل ماكرون الموجود في بروكسل، أعلنت فرنسا وهي أكبر مساهم في رينو يوم الاثنين 19 نوفمبر الجاري أن « الدولة، بصفتها أحد المساهمين، ستكون شديدة الانتباه لاستقرار التحالف والمجموعة ». ويمثل مستقبل المجموعة من دون كارلوس غصن مصدر قلق حقيقي حيث يبدو أن وجوده ضروري لاستمرار نجاح المجموعة الفرنسية اليابانية التي أوصلها إلى المرتبة الأولى عالميا مع بيع 10,6 ملايين سيارة في 2017 متجاوزة تويوتا وفولكسغاغن. وقبل هذه المشاكل القضائية كان غصن موضع تبجيل في اليابان وذلك بعد أن استطاع إنهاض نيسان التي تولى رئاستها عندما اشترتها رينو في 1999. وفي عالم صناعة السيارات حيث انتهت معظم عمليات الدمج إلى الفشل تاريخيا، خصوصا بين صانعين من دول مختلفة، نجح غصن في التغلب على الاحتكاك بين فرق المهندسين. وبدلا من الهيمنة على نيسان وميتسوبيشي، فكر رجل الأعمال في بناء مجموعة تقوم على توازنات معقدة تحتفظ فيها كل شركة باستقلاليتها الذاتية. فالمجموعة مكونة من شركات منفصلة ترتبط بمساهمات متقاطعة لا تشكل أغلبية. فرينو تملك 43 بالمئة في نيسان التي تملك بدورها 15 بالمئة من أسهم التحالف. ومنذ 2016 باتت نيسان تملك 34 بالمئة من ميتسوبيشي. لكن نقطة ضعف المجموعة أيضا هو كارلوس غصن إذا تعثر، وهو ما حصل. وقال فلافيين نيوفي مدير مرصد سيتيليم للسيارات « لقد عرف دائما كيف يحافظ على التوازن الدقيق بين الجانب الفرنسي والجانب الياباني. وخصوصية هذا التحالف هو أنه يقوم في جانب كبير منه على شخصية كارلوس غصن ومساره. فهو رجل التحالف وستكون خلافته بالضرورة معقدة جدا ». راكم غصن الذي كرسه المالك السابق لرينو لوي شويتزر والمتخرج من مدرسة البوليتكنيك النخبوية، وظائف رئيس مجلسي إدارة نيسان وميتسوبيشي إضافة إلى رئاسة مجلس إدارة مجموعة رينو (التي تضم أيضا داسيا ولادا وسامسونغ موتورز والبين) علاوة على رئاسة مجلس إدارة التحالف الثلاثي. ولاحظ نيوفي انه في اليابان « نال غصن مشروعيته بفضل ما أنجزه مع نيسان حين كانت في أسوأ حالاتها. ولا يوجد شخص الآن يمكنه حيازة هذه المشروعية على الجانبين الفرنسي والياباني ». وبطلب ملح من الدولة الفرنسية أكبر مساهم في رينو مع 15 بالمئة من راس المال ونحو 22 بالمئة من حقوق التصويت، عيّن غصن في شباط/فبراير 2018 مسؤولا ثانيا عن التحالف هو تييري بولوري الذي دعي لخلافته على رأس الشركة الفرنسية. وأراد بذلك طمأنة السلطات الفرنسية بشأن مستقبل هذه المجموعة الصناعية المزدهرة وارتباطها بفرنسا. ويشغل بولوري (55 عاما) الخبير الكبير بآسيا التي أمضي فيها فترة كبيرة من حياته المهنية، منصب مساعد رئيس مجلس الإدارة. لكن لاشي محدد في قوانين رينو بشأن إدارة التحالف. وتتقاسم رينو ونيسان معظم منصاتهما لصناعة السيارات إضافة إلى العديد من المحركات. وهما تقومان بمعظم مشترياتهما معا وبينهما ترابط كبير. وأتاح هذا التعاون وما ينجم عنه من اقتصاد نفقات توفير 5,7 مليارات يورو في 2017. ويعتبر ذلك كسبا ثمينا خصوصا في ظل السباق بين شركات صناعة السيارات على إنتاج سيارة كهربائية وذاتية القيادة ما يحتاج استثمارات هائلة. وكان غصن ذاته يؤكد أن ديمومة المجموعة مصدره أولا ما توفره لمختلف مكوناتها. وقال في شباط/فبراير 2018 في مقابلة مع فرانس برس « كلنا متفقون على أن التحالف أمر جيد تستفيد منه كل من الشركات التي تكونه. أمضيت 20 عاما في بناء هذا التحالف، ولا أنوي البتة عدم ضمان استمراريته
Laisser un commentaire