كونغرس اميركي جديد منقسم ودخول اول مسلمتين
حقق الديموقراطيون انتصارا كبيرا مساء الثلاثاء 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 في الانتخابات التشريعية الأميركية بمنتصف الولاية الرئاسية بانتزاعهم السيطرة على مجلس النواب، غير أن « الموجة الزرقاء » المرتقبة ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تحصل. واحتفظ الجمهوريون بغالبيتهم في مجلس الشيوخ، ما أتاح لترامب الإعلان عن « نجاح هائل » بدون أن يأتي على ذكر خسارة حزبه مجلس النواب. وهذا الانتصار الديموقراطي سيكبل عمل الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة في النصف الثاني من ولايته حتى العام 2021. وحرص ترامب الذي اثبت حتى الآن عن مهارة سياسية، في الايام الأخيرة على الإشارة إلى أن الحملة المكثفة التي خاضها دعما لحزبه اقتصرت على المرشحين لمجلس الشيوخ لعدم توافر الوقت الضروري لدعم المرشحين لمجلس النواب وعددهم كبير.واتصل ترامب برئيس الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ليهنئه « على التقدم التاريخي » في هذا المجلس حيث عزز الجمهوريون غالبيتهم، بحسب ما أفادت المتحدثة باسمه ساره ساندرز. وتعهدت زعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي « بترميم الضوابط والمحاسبة التي نص عليها الدستور على إدارة ترامب »، واعدة في المقابل بأن « كونغرس ديموقراطيا سيعمل على حلول تجمعنا، لأننا سئمنا جميعا الانقسامات ». وبعد عامين على فوز رجل الأعمال المفاجئ بالرئاسة من دون أن تكون له أي خبرة سياسية أو دبلوماسية، تهافت الأميركيون بكثافة إلى مراكز الاقتراع. واستعاد الديموقراطيون مجلس النواب لأول مرة منذ العام 2010، فيما احتفظ الجمهوريون بغالبيتهم في مجلس النواب مع احتمال زيادتها بمقعد أو مقعدين، بحسب شبكات التلفزيون الأميركية. وهذا ما سيضع الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير 2019 أمام كونغرس منقسم على غرار مجتمع يشهد شقاقات عميقة حول شخص ترامب.وغالبا ما تكون انتخابات منتصف الولاية الرئاسية لغير صالح حزب الرئيس، لكن خسارة مجلس النواب على الرغم من المؤشرات الاقتصادية الممتازة تشكل انتكاسة شخصية لترامب بعدما جعل من هذا الاقتراع استفتاء حقيقيا على شخصه. وكانت الخارطة الانتخابية القائمة هذه السنة لصالح الجمهوريين، إذ أن ثلث مقاعد مجلس الشيوخ المطروحة للتجديد تتعلق بولايات ذات غالبية محافظة. ولا يمكن الحصول على أرقام دقيقة لنسبة الإقبال لعدم وجود هيئة انتخابية موحدة تجمع المعطيات بصورة مركزية، لكن في ولايات تكساس ونيويورك وماريلاند، أبدى الناخبون والمراقبون الذين استجوبتهم وكالة فرانس برس دهشتهم لكثافة الإقبال على التصويت. وقال جون سافاريز الطالب في علم النفس البالغ من العمر 26 عاما والذي نشأ في مدينة فولرتون المحافظة، إنه صوت للديموقراطيين. وأوضح لوكالة فرانس برس أن والديه جمهوريان متشددان، لكن خطيبته فتاة من أصل مكسيكي ولدت في الولايات المتحدة، مضيفا « حين أرى الصعوبات التي تعانيها عائلتها في الوقت الحاضر، لم يكن بإمكاني سوى أن أصوت ». أما نيكي ديفيدسون (20 عاما) الطالبة في علم الأحياء، فقالت إنها صوتت للجمهوريين التزاما بـ »معتقداتها المسيحية ». وأوضحت أن دونالد ترامب « يقوم بالأمور بصورة مغايرة، وهذا ما نحتاج إليه ». وصوت جيمس غيرلوك (27 عاما) للجمهوريين في شيكاغو لأنه « راض للغاية على الاقتصاد ». ولزم ترامب الثلاثاء البيت الابيض بدون أن ينشر أي تغريدة لأكثر من ثماني ساعات، ما يعتبر أمرا نادرا، بعدما استمر في عقد تجمعات انتخابية حتى اللحظة الأخيرة من الحملة تحت شعار « لنجعل أميركا عظيمة من جديد ». وبعدما أطلق حملته الانتخابية قبل ست سنوات ناعتا المهاجرين المكسيكيين بـ »المغتصبين »، اختار من جديد هذه السنة رسالة تقوم على التهويل التخويف من مخاطر الهجرة. وردد منذ أسابيع « إنه اجتياح »، مهولا بشأن قوافل المهاجرين الذين يعبرون المكسيك هربا من العنف والفقر في أميركا الوسطى، متوجهين إلى الحدود الأميركية. كما فازت الديموقراطية من كنساس شاريس ديفيدز المحامية المولعة بالفنون القتالية لتصبح أول أميركية من السكان الأصليين تدخل الكونغرس بفوزها في منطقة محافظة. وفي كولورادو (غرب)، أصبح جاريد بوليس أول حاكم ولاية يجاهر بمثليته.أما في تكساس، لم يتمكن الديموقراطي بيتو أورورك من إحداث مفاجأة كان حزبه يأمل بها، وفاز السناتور المنتهية ولايته تيد كروز بعد سباق شهد منافسة محتدمة، وقد حصل على دعم من ترامب وبعد 12 عاما على تولي المسلم كيث إيليسون مقعدا في الكونغرس، أصبحت الديموقراطيتان إلهان عمر ورشيدة طليب أول امرأتين مسلمتين تدخلان مجلس النواب الاميركي بنتيجة انتخابات منتصف الولاية 2018 ما يضفي روح التعددية على الهيئة التشريعية الاميركية. إلهان عمر لاجئة من الصومال في سن 36 عاما، انتخبت هذه الاميركية المحجبة اللاجئة من الصومال لتصبح عضوا في مجلس النواب عن ولاية مينيسوتا خلفا لكيث ايليسون الذي كان أيضا أول نائب أسود ومسلم في الكونغرس. بنت إلهان عمر لنفسها صورة امرأة سياسية تقدمية. فهي تؤيد مجانية التعليم الجامعي وتأمين مساكن للجميع وإصلاح القضاء الجنائي. وفرت هذه الشابة من بلدها الصومال في سن الثامنة. وبعدما أمضت أربع سنوات في مخيم لاجئين في كينيا، استقرت عائلتها أخيرا عام 1997 في مينيسوتا حيث تعيش جالية كبرى من دول القرن الافريقي. وفي 2016، فازت الشابة الناشطة ضمن منظمة نافذة مدافعة عن الحقوق المدنية، بمقعد نيابي في ولايتها الصناعية حيث تعيش جالية صومالية كبيرة. وقد صرحت لمجلة « إيل » في أيلول/سبتمبر « أنا مسلمة وسوداء، أغرمت ببساطة بالسياسة وما يمكن أن تنجزه ». وأوضحت أنها قررت الترشح « لتظهر ما يجب أن تكون عليه الأنظمة الديموقراطية التمثيلية فعلا ». وهي معارضة لسياسة الهجرة المتشددة التي يعتمدها الرئيس دونالد ترامب. بعد فوزها كتبت إلهان عمر في تغريدة « انتصرنا معا. شكرا! »، قبل أن توجه رسالة إلى رشيدة طليب قائلة « أهنئ شقيقتي رشيدة طليب على انتصارها! أتطلع إلى الجلوس معك في مجلس النواب إن شاء الله ». أما رشيدة طليب المولودة في ديترويت لأبوين مهاجرين فلسطينيين، ففازت في سن 42 عاما بمقعد عن ولاية ميشيغان. هذه المحامية هي أكبر إخوتها الـ14. وفي 2008 أصبحت أول امرأة مسلمة تدخل برلمان ميشيغان المحلي. وقالت في مقابلة مع شبكة « إيه بي سي » في آب/اغسطس الماضي « أنا مرشحة بسبب الظلم ولان أبنائي يتساءلون حول هويتهم كمسلمين ». وكانت أعلنت في أيار/مايو لشبكة « سي بي أس » نيوز ان انتخابها سيوجه « رسالة قوية » لكل الولايات المتحدة مفادها « نحن جزء لا يتجزأ من المجتمع ونريد ان نقدم له شيئا في المقابل مثل أي فرد آخر ». تتخذ رشيدة طليب مواقف معارضة للرئيس دونالد ترامب وحزبه الجمهوري. وخلال الحملة الرئاسية عام 2016، انتقدت بشدة سلوك ترامب حيال النساء. وخلال الحملة عرضت برنامجا تقدميا وأيدت خصوصا اعتماد حد أدنى للاجور يبلغ 15 دولارا للساعة وكذلك تأمين الضمان الصحي. وأصبحت مدافعة عن قضايا الطبقات الشعبية وفازت في الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي في آب/أغسطس الماضي في منطقة يشكل السود غالبية فيها. وهي تدافع عن برنامج تقدمي جدا ينص على المساواة في الرواتب بين الرجال والنساء والتعليم الجامعي المجاني مرورا بالصحة العامة وحقوق مثليي الجنس والغاء مرسوم الهجرة الذي اعتمده ترامب، الى جانب حماية البيئة. وتحل محل النائب منذ فترة طويلة جون كونيرز الذي استقال في كانون الأول/ديسمبر بعد اتهامات بالتحرش الجنسي ومشاكل صحية. وبذلك يرتفع عدد المسلمين في مجلس النواب الى ثلاثة، الى جانب عضو الكونغرس اندري كارسون المسلم من أصول افريقية والذي أعيد انتخابه بسهولة في ولاية انديانا التي تميل الى الديموقراطيين أساسا. وتتناقض هذه النتيجة مع تزايد مشاعر معاداة المسلمين في البلاد. فقد أفاد مجلس العلاقات الاميركية-الاسلامية عن تزايد جرائم الحقد ضد المسلمين بنسبة 21% في أول ستة اشهر من عام 2018
Laisser un commentaire