ايران تهدد باغلاق مضيق هرمز في حال منعها من تصدير نفطها
ما أن أعلن الرئيس حسن روحاني مهددا ألاّ أحد سيتمكن من تصدير نفطه اذا لم تتمكن ايران من ذلك حتى جاء الردّ مدويا من قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني، ليثبت للعالم مرة أخرى، أنّ ما تسعى اليه الولايات المتحدة لخنق ايران اقتصاديا لن يكون بالأمر الهيّن ولا السهل، وأنّ الكل سيدفع الثمن ان استمرت امريكا في حربها الاقتصادية على ايران. انّ الرسالة باتت واضحة اليوم، فلا أحد يستطيع تجاهل دور إيران الرئيسي في المنطقة فسواء كانوا إصلاحيين أو محافظين، فإن القادة الإيرانيين لديهم إجماع حول ضرورة الدفاع عن الأمن القومي لإيران وعن نفوذها في المنطقة. انّ قدرة الحرس الثوري على اغلاق مضيق هرمز اذا تطلب الأمر ذلك قائمة، والسبب سيكون الامريكان وسياساتهم ضد الجمهورية الاسلامية. المفتاح في يد ايران لكسب أي معركة في المضيق البحري ان حصلت مواجهة، يكمن في خلط الانتصارات السياسية بالإستراتيجية مثل ضرب السفن أو حاملات الطائرات الأمريكية، مما سيؤدي إلى ارتفاع سعر النفط وزيادة الضغط الدولي، الذي بدوره سيشكل حملًا على كاهل الولايات المتحدة يدفعها لوقف هجماتها وضغوطها ضد إيران. انّ مضيق هرمز هو واحد من أهم نقاط الاختناق البحرية الكبرى في العالم، حيث يمر حوالي 20% من المؤن السنوية من النفط الخام من خلال هذا المضيق البالغ عرضه 6 أميال. ومن المعلوم أن دول الخليج الفارسي تصدر ما يقرب من (٩٠٪) من نفطها بواسطة الناقلات التي تعبر ذلك المضيق، ليس هذا وحسب، بل إن أغلب دول الخليج تمر مستورداتها عبره خصوصًا تلك القادمة من دول الشرق مثل الصين واليابان وكوريا وغيرها.وبما أن مضيق هرمز هو الشريان الحيوي الذي يمد العالم بالطاقة ويعود بالازدهار والثراء على كل الدول المطلة عليه، فإن نتائجه بلا شك ستكون كارثية على الجميع، أما أكثر الدول المتأثرة بإغلاق مضيق هرمز عالميًّا فهي: الصين التي تعتبر الشريك التجاري الأول والأكبر مع إيران على مستوى العالم، اضافة الى دول اخرى مثل إيطاليا، وإسبانيا، واليونان وهي تعدّ من أكثر الدول الأوروبية المتضرّرة من إغلاق مضيق هرمز، لأنها تستورد النفط الإيراني بالائتمان، بعد أن توقّفت روسيا عن تصديره إليها بسبب تجميد اتفاق تعاون عسكري بين البلدين (اليونان وروسيا).وبخصوص دول الخليج الفارسي، فالمملكة العربية السعودية ستتضرّر صادراتها من النفط الخام المحمول بحرًا بنسبة 88% بالرغم من أنها تدعي أن لها منافذ أخرى تستطيع التعويض عبرها وهي على بحر العرب والبحر الأحمر، أمّا الأكثر تضرّرًا فهي دولة الكويت وقطر والبحرين، أما الإمارات العربية المتحدة فبادرت بعد انتهاء خط الأنابيب الذي افتتحته (خط حبشان الفجيرة) بضخّ نفطها عبره، إلا أنها ما زالت تحتاج لمياه المضيق. الواضح، أنّ التهديد الذي أطلقه الرئيس روحاني مرتبط أساسا بمعادلات الصراع القائمة اليوم في المنطقة والمتمثلة في مصادر الطاقة التي تعتبر أهم مصادر القوة ألاقتصادية التي على أساسها ترسم التحالفات وتخاض الحروب. اليوم تعيش ايران صراعا لهذه الاسباب حيث تسعى واشنطن لتجريد الجمهورية الاسلامية من نقاط قوتها، بعد انسحابها من الاتفاق النووي واستصدارها لعقوبات جديدة ضد ايران. جاء التهديد الايراني الجديد، ليكشف خطأ الادارة الأمريكية في قراءتها للواقع الداخلي الإيراني حيث أثبتت الأزمات أن الشعب الايراني وقيادته بشقّيها الاصلاحي والمحافظ روح واحدة في المواجهة، وهذا ما لم يستوعبه العقل الامريكي الى حد الآن الذي لا يزال يراهن على خلق شرخ في النسيج الداخلي السياسي والاجتماعي الايراني لكنه لن يفلح. شكّل التهديد الايراني ايضا معادلة ذكية استخدمتها القيادة لإحراج العالم كله، أمام اشكالية أنّه لا بديل عن مضيق هرمز كممرّ اجباري لربع ما يستهلكه العالم الغربي خاصة من النفط يوميا. والغرب يدرك تماما ماذا يعني اغلاق المضيق وما تداعياته. انّ رسالة ايران وصلت لكل العالم وليس لأمريكا فقط، والهدف واضح ابراز معادلة قوة تدخل ضمن حسابات الجميع، ويدرك الجميع تداعياتها على التجارة الدولية. لعلّ وقع الانتصارات التي حققها محور المقاومة وعلى رأسها ايران في المنطقة الدليل الكافي على أنّ لغة التهديد الايرانية اليوم، ليست الاّ لغة المنتصر، القابض على كل الملفات في المنطقة، اللاعب الابرز في تغيير المعادلات ومنطق القوة والنفوذ. فلم يعد بامكان الادارة الامريكية أن تلعب هذا الدور الهمجي الذي يسمح لها بالتحكم في الدول وشعوبها، لم يعد بامكان هذه الغطرسة الامريكية اللعب بسوق الطاقة والتفرد باستغلال كل منافذه. اليوم ارسلت ايران رسالة لأمريكا وحلفائها في الغرب، أنها هي أيضا قادرة على تغيير كل المعادلات، وأن مضيق هرمز هو أحد خياراتها الاستراتيجية التي بإمكانها استخدامه. انها معادلة مضيق هرمز الصعبة بلا شك
Laisser un commentaire