المشاهد ذاتها تتكرر في المدن السورية…
ماهر المونس – خاص الفجر – واليوم.. ماذا شاهدت في دوما ؟ تسأل صديقتي الصحافية المتلهّفة لزيارة المدينة. لا جديد يُحكى، ذات المشهد الذي رأيته في حمص القديمة، وفي شرق حلب، وفي داريا، وريف حماه… أبنية اسمنتيه نائمة على بعضها، وفتية يلعبون بين الركام، وصورة انطبعت في الدماغ بشكل تلقائي لأي مكان زارته ماكينة المعارك ». لا يشدّني مشهد الأسقف الساجدة أرضاً، ولا يُغريني دخان يتصاعد من أفق خلف مئذنة، ولا تعير أذني اهتماماً لصوت صدى انفجارات، ربّما لا زالت عالقة من آخر معركة، تتأرجح بين عقلي وقلبي.. على الأرض، أتحرّى خطى حكايا من رحلوا، ويرشدنا من بقي إلى قصص معلّقة على حافّة منزل باتت غرفة الجلوس مكشوفة تماماً على الطريق العام. تطلّ ماكينة الخياطة برأسها مباشرة على الشارع الرئيسي، وأطل المطبخ المجاور بكامله بعد أن بقي بثلاثة جدران إثر مغادرة الجدار الرابع. اللهم افتح لي أبواب رحمتك » عبارة كُتبت على باب جامع الإيمان، وطفلُ يحمل بكل قوّته بعض الماء، وعبارة أخرى كتب عليها خطر الموت، تُغري الصحافيين بالدخول باتجاهها، وجيل خلف جيل يمتطي دراجات هوائية، ويسير بحرفيّة عالية بين الركام. على الطرف الآخر، يحمل طفلُ أشقر نفسه، ويقف على رؤوس أصابعه ليطال نافذة الحياة، لمح عين الكاميراـ فضحك.. نادى لاخته وتدلّيا سويّة. الحرب تخجل هنا، فقد وضعت كل وزرها دفعة واحدة، والدمار يصدرُ غباراً كلّما ارتطم بعيوني، ويبدو الصحافيون بثيابهم الملونة والنظيفة مثل الكائنات الفضائية التي يتجمّع حولها الأهالي، ويتفرّج عليهم الأطفال. وأخيراٍ، رتلُ من الدبابات المركونة على جانب الطريق، ساكنة وبدون قذائف، وفوّهتها باردة، وذخيرتها نائمة حتى حين… سكتت المدافع
Laisser un commentaire