صرخة المغتربين من يسمعها؟
خضر الحلبي — الطائر — منذ مئات السنين، اتجه اللبنانيون نحو العالم الجديد (193 دولة أعضاء في الامم المتحدة ) واستقروا في مختلف قارات العالم الى ان بلغ عدد اللبنانين المغتربين اكثر من 11 مليون. السبب الرئيس لهجرة اللبنانيين، كما ظهر في العديد من الدراسات الميدانية، هو السعي وراء “العمل اللائق” كما حددته منظمة العمل الدولية، وركائزه الثلاث هي/ الأجر العادل والديمومة والحماية من الاستغلال، اي تحسين مستوى المعيشة في شكل عام. ولا شك أن الخلافات المستمرة بين السياسين اللبنانيين وتداعياتها على مختلف المستويات، وعدم ايجاد حلول مناسبة تضمن للمغترب العودة والاستثمار في لبنان تعتبر من أولى العوامل التي افقدت اللبناني الثقة بساسته. ومما يزيد من فقدان ثقة المغتربين الانتهاكات الصريحة لمقدمة الدستور اللبناني، وكذلك لالتزامات لبنان بمواثيق جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان. لقد تخطت هذه الانتهاكات الحدود مؤخرا ليصل الى حرمان اللبنانيين المقيمين في الدول غير الواردة في مرسوم “دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب أعضاء مجلس النواب للبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية”. لقد حدد هذا المرسوم الدول وتاريخ الاقتراع في 34 دولة أجنبية و 6 دول عربية أي (40 دولة من أصل 193) اي انه استثنى بالتالي اللبنانيين المقيمين في 153 دولة، وبينهم : المقيمون في أميركا الوسطى كهندوراس وكوبا (20000 تقريبا) والسيلفادور وبنما (46000 تقريبا)، وأميركا الجنوبية كبوليفيا والاكوادور وتشيلي والاورغواي والبيرو (204000 تقريبا) والبلدان الأوروبية كفلندا والبرتغال والنمسا ولوكسمبورغ والنرويج وبولندا وليتوانيا واستونيا ولاتفيا بما يقارب (15000 تقريبا) وافريقيا كنيجيريا وتوغو وانغولا وغينيا وغيرهم من الدول (تفوق 150000 تقريبا)، وايران وروسيا والصين وكوريا وماليزيا…الخ ( 10000 مقيم) اضافة الى الدول العربية كالبحرين واليمن وسوريا والمغرب وتونس والاردن…الخ لقد حرم المرسوم عشرات الآلاف هؤلاء من حق الاقتراع كحق مدني وسياسي اساسي. وهذا الحرمان يمثل ظلما مقارنة بالمقيمين الآخرين الذين ميزهم المرسوم، الامر الذي يشكل انقساما يضاف على الانقسامات السابقة في الاغتراب وانتهاكا صارخا لمقدمة الدستور والاعلان العالمي لحقوق الانسان. ان هذا التمييز يعتبر بشكل ما ضربا للعديد من مبادئ الدستور اللبناني والمواثيق الدولية ولاسيما للحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وللعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمييز أو تفضيل .. كما انه يشوه مبدأ اعتبار الشعب مصدر السلطات. وفي ضوء ذلك كله، نتوجه بالنداء الى المرجعيات المختصة والهيئات الوطنية والسياسية وكذلك الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم من أجل الاعتراض على هذا التمييز واشتراط اي اقتراع خارج حدود الوطن لحين ايجاد قانون يضمن الحقوق دون تمييز بين الناخبين اللبنانيين، أو اصدار قانون يجيز لكل لبناني يحمل الهوية اللبنانية او جواز سفر لبناني ان يقترع ولو عبر البريد تجنبا للمسافات الطويلة التي تعرقل توجه الناخب في بعض دول الاغتراب الى السفارات او القنصليات وممارسة حقه في الانتخاب، علما ان عدم وجود سفارات أو قنصليات أو مرجعيات في معظم دول الاغتراب هو مشكلة الدولة وحدها وليست مشكلة اللبناني المغترب.
Laisser un commentaire