الخلطة العجيبة في انتخابات لبنان
خطار ابو دياب – – مونتي كارلو — سنة 2018,سنة انتخابية عربية بامتياز من حيث دعوة الناخبين في مصر وتونس وليبيا ولبنان والعراق للمشاركة في انتخابات رئاسية أو تشريعية أو بلدية. وهذه الحيوية اًو هذا الزخم الذي يطفو على السطح لا يمكن أن يخفي أن بعض هذه التمارين معروفة نتائجه سلفاً أو أن الكثير منها تشوبه نواقص عديدة بالرغم من مقولة » من جرب المجرب فعقله مخرب » تمثل الانتخابات التشريعية في لبنان في 6 أيار2018 فرصة لمراقبة تطور المشهد السياسي ومدى تمثيله لواقع المشرق في السنوات القادمة . وإذا كان الوضع على حاله لجهة التفكك والطائفية والفساد، وعدم قيام » دولة القانون » ومخاطر اهتزاز السلم الأهلي الهش والمحكوم بالتوازنات الخارجية من الصعب التكهن المسبق بالنتائج المحتمَلة في برلمان 2018 نتيجة «الخلْطة الغامضة» التي ميزت قانون الانتخاب الجديد القائم على الجمع بين النسبية في خمس عشر من الدوائر المتوسطة والصوت التفضيلي في القضاء أي الوحدة الإدارية الصغرى، والمعتمد على معايير محدَّدة لتأهيل اللوائح المقفلة واحتساب الفائزين فيها، في 2017، لم يكن التمديد حوالي سنة للبرلمان استجابةً لحاجاتٍ تقنية، أو لرغبة الطبقة السياسية في التمديد لنفسها فحسب، بقدر ما انطوى على الرغبةِ بعدم السقوط في فخ الصراع الإقليمي وخبايا مرحلة ما بعد داعش لكن العام 2018 لا يبدأ ضمن أجواء إقليمية أكثر نقاء ولذا يرتبط استحقاق الانتخابات بأثر ارتداد التحولات الإقليمية ومسار التسوية الداخلية السلطوية المبرمة آخر أكتوبر 2016 الذي اهتز بفعل أزمة استقالة الحريري في نوفمبر 2017 ، ويترنح حاليا بسبب أزمة ممارسة السلطة بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب. هكذا فإن اتفاق الطائف القائم على المناصفة المسيحية – المسلمة مهدد بفعل تركيب ثنائيات على حساب أخرى وصعوبة تعديل الدستور وبلورة صيغة جديدة للتوزيع الطائفي. وتتركز الأسئلة الأخرى قبل الانتخابات على العوامل الخارجية وخصوصاً على المدى الذي يمكن أن تَبلغه خيارات الدول المناهِضة لإيران ونفوذها حيال لبنان. وهكذا بينما يَنصرف اللاعبون في الداخل إلى رسْم سيناريوهات لتحالفاتهم ، تسود الخشية من إدخال لبنان آتون الحريق الإقليمي وانعكاس كل ذلك على متانة الوضع الاقتصادي مع وصول الدين العام إلى ما يقارب 80 مليار دولار. في بلاد الأرز لن تكون الانتخابات هي الترياق من أجل بروز أفاق أفضل، لأن المستقبل القريب غير محكوم فقط بنتائج صناديق الاقتراع ، بل يرتبط بمجمل المشهد الإقليمي وبالقدرة على تجديد التسوية لصالح الدولة .
Laisser un commentaire