القمة الاسلامية الاستثنائية في تركيا تعترف بـ«القدس الشرقية» عاصمة لفلسطين
أعلنت الدول الإسلامية اعترافها بدولة فلسطين وعاصمتها «القدس الشرقية». ودعا البيان الختامي للقمة الإسلامية في إسطنبول جميع دول العالم إلى الاعتراف بالقدس الشرقية المحتلة، عاصمة لدولة فلسطين، واعتبر قرار ترامب «غير المسؤول» بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها «باطلاً»، وذلك وسط غياب عدد من أبرز زعماء الدول الإسلامية وخطابات غير مسبوقة لزعماء آخرين شاركوا في القمة.
وبينما حضر 16 زعيماً عربياً وإسلامياً القمة، أبرزهم الرئيس اللبناني ميشال عون وأميرا قطر والكويت وملك الأردن والرئيس الفلسطيني، غاب زعماء السعودية والإمارات والبحرين ومصر وغيرهم من الزعماء العرب، فيما برزت مشاركة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بصفة مراقب.
وأكد البيان الصادر عن القمة التي انعقدت أمس الأربعاء في اسطنبول برئاسة تركيا «رفض وإدانة قرار الرئيس الأمريكي غير القانوني بشأن القدس»، مبدياً استعداد دول أعضاء منظمة التعاون الإسلامي» لطرح المسألة على الجمعية العامة للأمم المتحدة في حال عدم تحرك مجلس الأمن الدولي بخصوص القدس».
وفي خطاب استمر لساعة كاملة شن الريس الفلسطيني محمود عباس هجوماً غير مسبوق على الولايات المتحدة، وبينما أكد أردوغان أن بلاه سوف «تتعاون» مع الأردن حول القدس، عبر الرئيس الإيراني حسن روحاني عن استعداد بلاده لدعم أي تحرك لنصرة القدس.
البيان الختامي
واعتبر البيان الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بمثابة انسحاب واشنطن من دورها كوسيط في عملية السلام. وجاء في البيان: «نعقد العزم على مواجهة أي خطوات من شأنها المساس بالوضع القائم التاريخي أو القانوني أو الديني أو السياسي لمدينة القدس». وأكد تمسك الدول الأعضاء بـ«السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين وأن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين».
وحث البيان بشدة جميع الدول الأعضاء على دعم وكالة بيت مال القدس الشريف لمساعدة المقدسيين على الصمود. كما حثهم على زيادة مساهماتهم في (أونروا) لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين. وطالب البنك الإسلامي للتنمية بدعم جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مدينة القدس.
كما صدر عن القمة «إعلان إسطنبول» الذي شدد على أن الدفاع عن القضية الفلسطينية يستوجب تحقيق المصالحة الوطنية دون مزيد من الإبطاء، ودعا الإعلان الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة لتحقيق التوازن في المنطقة.
الرئيس أردوغان الذي ترأس القمة، أكد على أن أي قرار بشأن مدينة القدس، التي تخضع للاحتلال الإسرائيلي، هو في الواقع «منعدم الأثر»، مشددًا على أن الدول الإسلامية لن تتخلى أبدا عن طلبها بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس. وقال أردوغان الذي تصدر خلال الأيام الماضية المواقف المناهضة لقرار ترامب: «بصفتي الرئيس الدوري لمنظمة التعاون الإسلامية أدعو الولايات المتحدة إلى التراجع عن قرارها حول القدس»، مضيفاً: «الجنود الإرهابيون (الإسرائيليين) يعتقلون أطفالًا بعمر عشر سنوات ويزجون بهم في أقفاص حديدية.. هم جنود دولة إرهاب واحتلال».
واعتبر أن «إسرائيل حظيت بمكافأة على كافة أعمالها الإرهابية، وترامب هو من منحها هذه المكافأة، من خلال اعترافه بالقدس عاصمة لها»، كما شكر جميع الدول التي لم تقبل بـ«القرار الأمريكي الباطل، الذي لم تدعمه سوى إسرائيل»، داعيًا الولايات المتحدة إلى التراجع عن قرارها.
وتابع أردوغان: «أعلنها مجددًا القدس خط أحمر بالنسبة لنا»، داعيًا الدول التي تدافع عن القانون الدولي والحقوق إلى الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة فلسطين». وتابع: «نحن كدول إسلامية لن نتخلى أبدا عن طلبنا بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس».
وطالب الدول التي لم تعترف بفلسطين القيام بذلك، وقال: «هذا شرط لخلق توازن من شأنه إحقاق العدل في المنطقة»، مشدداً على أن بلاده سوف تستمر «في التعاون مع الملك الأردني عبد الله الثاني الذي يتولى مهمة حماية الأقصى، بالكفاح من أجل التصدي للحملات التي تستهدف الأقصى».
الرئيس ميشال عون :
شدد رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون على « أن الإسرائيليين مارسوا أبشع أنواع التطهير العرقي على أرض فلسطين. والمفارقة أن العرب قد يكونون الوحيدين من بين الشعوب لم يشاركوا في اضطهاد اليهود خلال التاريخ، بل على العكس طالما تعايشوا معهم. » وحذّر الرئيس عون من ان إسرائيل اليوم « تتصرف عكس مسار التاريخ، وتتحدّى التطور الإنساني والمجتمعي؛ وتعلن نفسها دولة يهودية، وتحاول التأكيد على ذلك بتهويد القدس وجعلها عاصمتها، وفي ذلك شطبٌ للهوية الجامعة للأرض المقدسة، وإلغاء صريح لرسالتين سماويتين يؤمن بهما أكثر من نصف سكان العالم، ما يشكّل طعنة للحضارة والإنسانية، ستجرّ تهجيراً جديداً، وتطهيراً عرقياً جديداً، وتؤسس لحروب مقبلة ».
الرئيس عباس:
إذا مرّ وعد بلفور فإن وعد ترامب لن يمر ودعا الرئيس عباس الذي تحدث أمام القمة لمدة ساعة كاملة قمة منظمة التعاون الإسلامي إلى تحديد علاقاتها بدول العالم على ضوء مواقفها من قضية القدس وقرار ترامب الأخير. وطالب عباس بـ»اتخاذ مواقف سياسية واقتصادية تجاه إسرائيل، وصولا لإجبارها على إنهاء الاحتلال»، كما طالب دول العالم بمراجعة اعترافها بدولة إسرائيل، بسبب خرقها قرارات الشرعية الدولية التي رفضتها جميعا.
ودعا عباس إلى التوجه لإعداد مشاريع قرارات لمجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية الأخرى، بغية إبطال ما اتخذته الولايات المتحدة بشأن القدس وفق القانون الدولي. وطالب بنقل ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى الأمم المتحدة، وتشكيل آلية جديدة تتبنى مسارا جديدا، مشيرا إلى أن «الولايات المتحدة لم تعد أهلا للتوسط في عملية السلام» بين الفلسطينيين والإسرائيليين». وقال عباس: «فلسطين لن تقبل بأن يكون للإدارة الأمريكية أي دور في العملية السياسية بعد الآن»، مضيفاً: «نرفض القرارات الأمريكية الأحادية والباطلة التي صدمتنا بها، في الوقت الذي كنا فيه منخرطين معها في العملية السياسية من أجل الوصول لسلام عادل». وحذّر الرئيس الفلسطيني من أن «استمرار إسرائيل بانتهاكاتها يجعلنا في حلّ من الاتفاقيات الموقعة معها»، وشدد على أن «واشنطن (بعد قرار اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل) حولت صفقة القرن (تسمية جديدة لتسوية سلمية بوساطة أمريكية يدور الحديث عنها) إلى صفعة العصر، واختارت أن تفقد أهليتها كوسيط».
وشدد على أن «مدينة القدس لا تزال وستبقى عاصمة دولة فلسطين للأبد، ولا سلام ولا استقرار دون أن تكون كذلك».
ووصف قرار الرئيس الأمريكي بـ»وعد بلفور جديد (يأتي) بعد 100 عام على الوعد (البريطاني)»، وشدد على أنه «إذا مر وعد بلفور، لا ولن يمر وعد ترامب».
الأمين العام: على العالم الاعتراف بدولة فلسطين
الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف بن أحمد العثيمين، حث دول العالم، التي لم تعترف بفلسطين، إلى المبادرة بتلك الخطوة، لافتا إلى أن المنظمة تدعو، كذلك، إلى تحرك عربي إسلامي مشترك للتصدي لقرار واشنطن الأحادي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وقال: «في ظل ما تواجهه مدينة القدس من إجراءات وسياسات ممنهجة لتزييف تاريخها وانتزاعها من محيطها الفلسطيني وفرض واقع عليها، تدعو المنظمة إلى تحرك عربي إسلامي مشترك على الصعيدين الدولي والإقليمي، وتسخير كافة الوسائل الدبلوماسية المتاحة لمواجهة هذه لإجراءات والتصدي للقرار الأمريكي الأحادي». وأكد العثيمين أن «منظمة التعاون الإسلامي ترفض وتدين إعلان الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لما يشكله من انتهاك للقانون الدولي وزعزعة لمنظومة العلاقات الدولية ومخالفة لميثاق الأمم المتحدة». وحذر من أن هذا «الموقف المنحاز ضد القدس يمنح دعاة العنف مسوغا لمزيد من التطرف، ويؤسس لحالة من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة والعالم».
مصر تحذر من «احتمالات وخيمة»
وحذر وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي مثل بلاده في القمة من أن أي مساس بوضعية القدس «يعني تهديداً صريحاً لحل الدولتين، ويفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات وخيمة»، وذلك في كلمة بلاده في القمة الإسلامية حيث تغيب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن القمة التي تعقد في تركيا في ظل الخلافات المتواصلة بين البلدين.
وأضاف: «من البديهي أن جوهر حل الدولتين هو الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على الأراضي المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية؛ وبالتالي فإن كل مساس بوضعية القدس يعني تهديداً صريحاً لحل الدولتين، ويفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات وخيمة». وتابع: «استقرار المنطقة والعالم لا يحتمل أي تحرك غير محسوب العواقب تجاه القدس، ولا يمكن أن يتحقق في ظل عدم المبالاة بمشاعر مئات الملايين من العرب والمسلمين والمسيحيين في جميع أنحاء العالم».
الرئيس روحاني: مستعدون للدفاع عن القدس
الرئيس الإيراني حسن روحاني طالب باستثمار كافة الطرق الممكنة للحيلولة دون تنفيذ قرار نظيره الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، معتبراً أن «انتفاضة الشعب الفلسطيني، خلال الأيام الماضية، أثبت جليًا أنهم لم يعقدوا آمالاً على المشاريع التافهة، ولا يزالون يؤكدون على مطالبهم المشروعة». وأبدى روحاني استعداد بلاده «للتعاون مع الدول الإسلامية للدفاع عن القدس دون أي تحفظ أو شرط مسبق»، وطالب باستثمار كافة الطرق والأساليب الممكنة للحيلولة دون تنفيذ الإجراء غير المشروع الذي اتخذه ترامب، معتبراً أن «محاولات البعض في إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني، والتنسيق والتعاون معه، شجّع الإدارة الأمريكية في اتخاذ هذا القرار».
Laisser un commentaire