مغامرة بعوضة تختصر حكاية وطن ….
محمد رمال —
يحكى أن بعوضة كانت تعيش في منزل مواطن صالح من فصيلة « الحد الأدنى للأجور » ولم تهجره يوماً بسبب تعلقها بعادات ذلك المواطن الشرائية القائمة على تبضع الخضروات المهترئة والسمك المجلد ذي الرائحة « الفواحة ».. وفي يوم من أيام القحط الراهنة أدار المواطن جهاز التلفزيون وانشغل في متابعة البث الحي لمناقشات الموازنة في ساحة البلد العريقة، وشاركته في ذلك البعوضة الصامدة الغيورة التي هالها ما رأته من مشاهد لسيارات فارهة وربطات باهظة تلتف على اعناق ثخينة تنتفخ فيها شرايين يسيل لها اللعاب وتنبئ بدماء « نخب أول » غنية بكل أنواع الفيتامينات، وزادها من المشهد انبهارا ربطات العنق التي تتدلى على كروش تخال أنها يقطينا أينع وحان قطافه، فقررت البعوضة هجرة موطنها الأصلي وطارت مسرعة غير عابئة بأكوام النفايات المتراكمة عند كل شارع وممر ودخلت ذلك المبنى التاريخي حيث كاد أن يغمى عليها من روائح العطور الفاخرة المستوردة من كل غرب وشرق !!!! حدقت البعوضة يميناً ويساراً محتارة من أين تبدأ، فهمّها الوحيد هو الحصول على وجبة دسمة لإنتاج بويضات ملقحة وناضجة وتفريخ أجيال جديدة تعيث في الأرض قرصاً… وأخيراً وقع نظرها على فاه مفتوح غط صاحبه في نوم عميق بفعل رتابة الخطابات فانقضت عليه كطيار يجيد فن الاغارة وامتصت من شفته السفلى رشفة أولى كانت كافية لتدخلها في غيبوبة لم تستيقظ منها إلا عند لحظة كنسها نحو جارور قانون الانتخاب
.
Laisser un commentaire