الكاوبوي الاميركي يقسم الشرق الاوسط تحقيقا لمصالحه
الدكتور عباس دبوق —
منذ سنوات تشهد المنطقة اضطرابات بدأت مع ما سمي بثورات الربيع العربي التى راحت عدواها تنتقل من بلد عربي الى اخر ويبدو وفقا لتسلسل الاحداث، لم يكن المقصود او المستهدف منها سوى الوصول الى سوريا لتغير النظام فيها والقضاء على دورها العروبي الممانع للسياسة الامريكية والداعم للقضية الفلسطينية ، احداث كثيرة مرت زعزعت استقرار المنطقة كلها. كان اخر سناريوهات السياسة الامريكية في المنطقة تحفيز عصب النزعات الانفصالية القديمة الجديدة لدى الاكراد نحو انشاء دولة مستقلة لهم . انه الكاوبوي الامريكي الحاضر دائما بفكره وعقليته صياد الضعفاء والعزل من البشر يبني هيكله المالي والاقتصادي ورفاهية مجتمعه على كومات من جماجم الشيوخ والنساء والاطفال التى تفترسها قنابل طائراته وصواريخه الذكية، غير آبه لقواعد القانون الدولي ولاحكام اتفاقيات جنيف الاربع التى تحمي الابرياء زمن الحروب. هو منتهكا مستمرا لشرائع حقوق الانسان العالمية ، مستغلا توحش ابنائه غير الشرعيين أمثال القاعدة فيروسه الوبائي الاول الذي حقن به جسد افغانستان نهائيات القرن الماضي ليحسن السيطرة على هذا البلد وليحقق حلما قديما كان يؤرقه ابان الاحتلال السوفياتي لافغانستان زمن الحرب الباردة . ويحضر هذا الكاوبوي مجددا ليصدّر الجيل الثاني من ذلك الفيروس الوبائي الى بلاد المسلمين داعش واخواتها ليفتك في جسد سوريا والعراق واليمن وليكون اكثر خطورة وفتكا من جيله الاول القاعدة ليكمل ما بدأت به الاخيرة من تنفيذ للمخططات المرسومة التى تصب في مصلحة ذلك الكاوبوي المستقوي الذي هو في حالة تأهب مستمر بسياساته العنجهية والمسيطرة لنهب ثروات المنطقة. لا ينكفئ او يتراجع وضمن خطته الموروثة، من ادارة امريكية ذهبت الى اخرى حالية جاءت فالجينات هي واحدة ، يبقى يوسوس في عقول مرتزقته واتباعه من المستزلمين لإملاءاته والمتمسكين بوعوده الضبابية فيقوي لديهم الغرور السيادي والانفصالي ويغذي حركات الانفصال ليفتت المنطقة ويزج شعوبها الامنة وآخرها الشعب الكردي في مآسي حروبه وحرائقه المشتعلة والمتنقلة غب الطلب بالطبع، يستغل حقوقهم واحلامهم التاريخية بوطن قومي خاص ليحولهم وفقا لمصالحه الاستراتيجية أشواكا في جسد الأمة العربية والاسلامية تهدد كياناتها ومصالح شعوبها وأمنها على نسق شبيه بصنيعتها اسرائيل . انها امريكا الوسواس الخناس هذه هي الولايات الامريكية التى تتباهى بتفوقها الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري وبقوانينها الضامنة للحريات ولحقوق المواطن فيها نجدها في المقلب الاخر من سياستها الخارجية تبيح لنفسها استخدام المفرط لاي من الوسائل مهما بلغت مخالفتها للقوانين الدولية لضمان ترؤسها العالم تصول وتجول فيه بغية إحكام سيطرتها الكاملة على المناطق حيث تكمن المنابع الطبيعية للثروات المشغلة للقوى الاقتصادية العالمية. لذلك لا نجد مبالغة في القول ان استقلال كردستان العراق هو مؤامرة امريكية- اسرائيلية لتقسيمه وتفتيت المنطقة ، وان هذا التقسيم لن يكون قصرّا على العراق بل قد يمتد الى دول عربية وشرق اوسطية اخرى . والسياسة الامريكية المتحكمة بالكثير من مفاصل القرار في دول المنطقة نتيجة تبعية الحكام فيها وعدم استقلاليتهم عنها، هي تجيد ادارة الازمات بما تخدم سياستها التى تقوم على الخداع المرتكز على البراغماتية الجذابة فتدغدغ الحلم القديم لدى الاكراد بتأسيس دولتهم المستقلة . فتلجأ الولايات الامريكية بعد فشل مشروعها وسقوط مخططها الاستراتيجي في تفتيت الدولة السورية الى ذر بذور التقسيم الجاهزة والمدجنة بازمات سياسية يجري تعقيدها بعناوين طائفية وعرقية وحقوق اقليات وغيرها …. ونكاد لا ننس مثال ما حصل مع قضية جنوب السودان وانفصاله قبل سنوات عن الدولة المركزية نجم عن تفاقم الازمات الحادة بين شمال وجنوب السودان وبتشجيع دولي واممي . فبعد صمود الدولة السورية وانتصارها وحلفائها على الارهاب التكفيري المدعوم والممول امريكيا. وعندما أثبت الواقع بعد ستة سنوات ان اميركا لم تحصد سوى الخيبة والتراجع وهو ما ظهر علنا في المكنونات النفسية في خطاب الرئيس الاميركي على منبر الامم المتحدة فبدا وكأن » حنقه يخنقه » فمن خبرته كونه تاجرا يشتغل في المال ويقدر عاليا ما سيفوته من مكاسب اقتصادية تكمن في النفط والغاز وهي الاهداف الكامنة وراء الهجمة الامريكية المستمرة على المنطقة والخسارة التى تؤرق العقل الامريكي . امريكا لا تذهب، خططها جاهزة ومشاريعها الساعية للسيطرة حاضرة فتقوم بجس النبض بخطة انفصال اقليم كردستان عبر الاستفتاء الذي حصل وتغذي الازمات الساسية مجددا وعندئذ تظهر الولايات الامريكية نفسها على الصعيد السياسي كطرف حريص على مستقبل الشعوب ومصالحها وذلك كله لتمرير برامجها الاقتصادية واستكمال فرض هيمنتها على سياسات دول المنطقة متجاوزة ارادة شعوبها الحقيقية فمن الواضح ان المخطط الاميركي يستكمل مساره الاستراتيجي جاهدا العمل على ايجاد كوردستان الكبرى بالطرق السلمية لان ذلك من شأنه ان يضعف وفقا لمنظورهم السياسي الهيمنة الايرانية ويربك تعاظم قوتها الاقليمية وكذلك يضعف الدولة التركية والعراقية لان ذلك سيقتطع الثلث من كل دولة من هذه الدول لصالح الكردستان .
Laisser un commentaire