دير الزور بين الجيش السوري و الأكراد بإنتظار المواجهة الحتمية
إن الاقتحام الناجح، الذي قام به الجيش السوري مع حلفائه، بدعم من طيران روسيا الحربي وقواتها الخاصة لمدينة دير الزور، يكتسب أهمية استراتيجية. لكن ذلك لا يعني أن العمليات العسكرية على وشك الانتهاء. فالكفاح المسلح ضد « داعش »، الذي تخوضه الحكومة السورية وقوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة في شرق البلاد يهدد بالتحول إلى صراع مسلح بين سوريا وروسيا من جهة، والقوات الكردية والأمريكية من جهة أخرى. ذكرت وسائل أعلام عربية أن نائب قائد قوات التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن، اللواء روبرت جونز قال إنه لن يسمح للقوات الحكومية السورية بعبور نهر الفرات في دير الزور. ونقل عنه أيضا أنه هدد بتدمير أي وحدات للجيش العربي السوري إذا ما حاولت عبور نهر الفرات. وحتى هذه اللحظة لم ترد تقارير رسمية بشأن هذا الموضوع. بيد أن من الممكن جدا الأخذ بصحة هذه المعلومات، لأن منطق العمليات العسكرية للجيش العربي السوري وقوات سوريا الديمقراطية « قسد » التي تدعمها واشنطن يقتضي تحرير البقعة نفسها من الأرض التي لا تزال تحت سيطرة إرهابيي « داعش ». وقد أعلنت دمشق عن اقتراب انتهاء التطهير الشامل لكل دير الزور من براثن الإرهابيين، وتطوير هجوم جيشها بعد عبور نهر الفرات في الاتجاه الجنوبي–الشرقي، حيث تقع حقول النفط الرئيسة في المحافظة. في الوقت نفسه، وكما يبدو، فإن الأمريكيين يسرعون إلى هناك، بمساعدة « قسد »، التي هرعت إلى دير الزور، و بدأت التضييق على إرهابيي « داعش » في الشرق والشمال من نهر الفرات ». وتفيد تقارير إعلامية كردية بأن هذه القوات « لا تعتزم الدخول في قتال مع الجيش العربي السوري. ولكنها عند الحاجة مستعدة للرد بالنار ». ويمكن الافتراض أن الجيش العربي السوري سوف يقوم بالشيء نفسه. وبالتالي، فإن تفاقم الصراع بين دمشق والكرد بات أمرا ممكنا للغاية، ولا سيما أن الكرد في « قوات سوريا الديمقراطية »، التي تقودها الولايات المتحدة، أخذوا يظهرون مزيدا من العدوانية. ودمشق أصبحت مستعدة لاتخاذ تدابير جوابية، أما روسيا فإنها لم تعلن عن موقفها بعد. أن حيثيات هذه المعركة « مرتبطة بأهداف بعيدة المدى لواشنطن ». إذا دخل الكرد إلى الجزء الأكبر من دير الزور قبل الجيش العربي السوري، فإن هذا يعني في الواقع الفعلي « استيلاء الولايات المتحدة على المنطقة الغنية بالنفط والغاز في البلاد »، وفي الوقت نفسه سوف يشكل هذا أساسا اقتصاديا للكرد للانفصال عن سوريا، كما يفعل كرد العراق حاليا. وإضافة إلى ذلك، إذا سيطر الكرد على دير الزور، فستكون الولايات المتحدة قادرة على ممارسة نفوذها، وبالتالي إعادة الإرهابيين، الذين قدموا من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، إلى أوطانهم بهدف « زعزعة استقرار الوضع في هذه المناطق »وخاصة أنهم باتوا « يستسلمون لقوات سوريا الديمقراطية على نطاق واسع ». بيد أن نجاح الكرد في دير الزور ممكن أن يعوقه عدد من العوامل. وأهمها أن الجيش العربي السوري الآن أقوى من « قسد » على الرغم من الدعم الأمريكي المكثف. كما « أن الأعمال الأمريكية على الأراضي السورية غير شرعية، في حين أن قوات الأسد توجد على أرضها، وتملك حق الحركة والهجوم حيثما تشاء . وصحيحٌ أنه لم يجر التخطيط لأي انفصال عن سوريا بعد، ولكن حقيقة أن الكرد يزمعون إجراء انتخابات من دون التنسيق مع دمشق، هو أمر يثير التساؤلات. وإذا افترضنا حدوث ذلك، فإن كردستان السورية المستقلة ستحتل ما يقرب من ثلث أراضي سوريا، وستتحكم بمساعدة الأصدقاء من واشنطن، بأكثر من نصف الموارد الطبيعية في البلاد.ولكن ليس هناك آفاق واعدة للمناطق الكردية ذات الحكم الذاتي. إذ إن أنقرة وطهران وبغداد، ترفض بشكل قاطع أي انفصال للكرد. ولا تؤيده موسكو أو واشنطن خلافا لإسرائيل، الدولة الوحيدة التي تدعمه
Laisser un commentaire