فرنسا : انحياز… و حظر المظاهرات المؤيدة لفلسطين
باريس ـ الفجر ـ يحافظ زعماء الغرب على « صوت واحد » مبتغاه دعم مطلق لإسرائيل، في مواجهة « طوفان الأقصى » وقد مثلت خطوة باريس منحنى بدا متطرفًا عن دعم معهود للقضية الفلسطينية وحقوق شعبها في الأرض والحياة، إذ حظرت فرنسا المظاهرات المؤيدة لفلسطين في وقت تجمع الآلاف في مسيرة مؤيدة لإسرائيل بدعوة من المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا « كريف »، وسط إجراءات أمنية مشددة وغير مسبوقة بالدائرة الـ16 في العاصمة الفرنسية باريس. ولتكتمل هذه الصورة، توجهت المسيرة ـالتي لم تتجاوز مسافتها كيلومترا واحداـ إلى ساحة تروكاديرو، حيث ألقى عدد من السياسيين البارزين في البلاد التحية للحضور وعبروا عن دعمهم الكامل، فيما اكتسى برج إيفل بألوان علم الاحتلال الإسرائيلي.
دعم رسمي للمسيرة
تضاعفت علامات التضامن مع إسرائيل في فرنسا، وهي التي تضم أكبر جالية يهودية في أوروبا، بعد 3 أيام على بدء عملية « طوفان الأقصى » ضد جيش الاحتلال، التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس. و رُفعت لافتات كتب عليها « تضامن مع إسرائيل ضد الإرهاب » و »إسرائيل ستنتصر » وهتافات دعت إلى « تحرير الأسرى الإسرائيليين من قبضة المقاومة الفلسطينية ». وقد انتشرت قوات الأمن عند مداخل عشرات الشوارع المؤدية إلى ساحة فيكتور هوغو، وتوغلت عناصر من الشرطة بين المتظاهرين بملابس مدنية بعد إخلاء محيط التجمع بالكامل. كما أعطت الحكومة الفرنسية الضوء الأخضر للوزراء وعدد من النواب للمشاركة في المسيرة الداعمة لإسرائيل، بما في ذلك المتحدث الرسمي باسم الحكومة أوليفييه فيران، ورئيسة بلدية العاصمة باريس آن هيدالغو، ورئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي. وبينما كانت الدعوة مفتوحة لكل السياسيين، تميزت المسيرة بغياب لافت لزعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان، واليميني المتطرف إريك زمور، رغم أنهما قدما دعمهما للدولة العبرية واعتبراها « ضحية لهجوم حماس ». وقد تم تبرير غياب لوبان في عدم رغبتها « في تسييس الحدث »، وفق مقربين لها. وأشاروا إلى أنها ستكون على اتصال مع رئيس مجلس النواب يائيل براون بيفيت، للمشاركة في تكريم مؤسسي محتمل للبرلمان. أما رفيقها في درب الفكر المتطرف في البلاد، فقد أوضح مساعدوه أنه « لا يستطيع الذهاب » مكتفيا بالحديث عن دعمه لإسرائيل على شاشة التلفزيون
أقلية يهودية
وبتفويض من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان تعزيز الأمن بشكل مكثف في 400 مكان تتجمع فيها الجالية اليهودية، بما في ذلك أماكن العبادة والمدارس والمعالم الأثرية، وهي التي سبق وأن تم تعزيز الإجراءات الأمنية فيها منذ منتصف سبتمبر/أيلول، تزامنا مع الأعياد اليهودية التي تم الاحتفال بها. وفي رسالة على تطبيق تليغرام، أصدر وزير الداخلية توجيهات لكل المحافظين لـ »تعزيز اليقظة والأمن والحماية على الفور لمواقع الجالية اليهودية في فرنسا ». كما دعا دارمانان إلى تعبئة أجهزة الشرطة في البلديات وانخراط جنود عملية « سنتينل »، في إشارة إلى العملية العسكرية التي تهدف إلى حماية الأماكن التي تعتبر حساسة في البلاد منذ هجمات يناير/كانون الثاني 2015، وتضم 10 آلاف جندي و4700 عنصر من الشرطة والدرك. ومنذ بداية الصراع، لم يُخفِ رئيس الجمهورية دعمه الكامل للاحتلال الإسرائيلي، حيث قال في تغريدة نشرها عبر حسابه على منصة « إكس » إن « الحرب ضد الإرهاب هي قضية مشتركة، سنواصل متابعتها مع إسرائيل ومع جميع حلفائنا وشركائنا ». وبحضور رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا يوناتان عرفي، والحاخام الأكبر حاييم كورسيا، ورئيس الصندوق الاجتماعي اليهودي الموحد، انعقد اجتماع أمني برئاسة وزير الداخلية،، ليؤكد من جديد « دعم الحكومة الكامل »، مضيفا أن « لمس يهودي في فرنسا يؤثر على الجمهورية بأكملها »، على حد تعبيره. ومن الواضح أن يهود فرنسا يقفون على رجل واحدة بعد تسجيل حوالي 20 عملا بدعوى « معاداة السامية »، وتقديم أكثر من 700 بلاغ على منصة الشرطة للمحتوى غير القانوني « فاروس » ، وفق ما أعلن دارمانان.
منع مظاهرات مؤيدة لفلسطين
قرر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان حظر المظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني في جميع أنحاء البلاد، بيد أن ذلك لم يمنع خروج مسيرات في باريس ومدن أخرى للتنديد بالهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، التي أوقعت آلاف الشهداء والجرحى خلال أسبوع. ووجه دارمانان تعليمات بحظر المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى السلطات المحلية عبر بيان نشر فحواه الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية الفرنسية. وبرر الوزير الفرنسي الحظر بأن من شأن هذه المظاهرات أن تؤدي إلى « الإخلال بالنظام العام » في فرنسا. ورغم الحظر المعلن، تظاهر الالاف في ساحة الجمهورية بباريس للتنديد بالقصف الإسرائيلي المستمر على غزة. وردد المحتجون هتافات بينها « إسرائيل قاتلة » و »ماكرون متواطئ »، في إشارة إلى تصريحات الرئيس الفرنسي الداعمة للهجوم الإسرائيلي الواسع النطاق على غزة إثر عملية « طوفان الأقصى » التي بدأتها المقاومة الفلسطينية كما رفع المحتجون لافتات كتب على بعضها « إسرائيل مجرمة »، ورفعوا الأعلام الفلسطينية، واستخدمت قوات الأمن الفرنسية الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق المتظاهرين. كما خرجت أمس مظاهرات في مدن فرنسية أخرى منها ليون ومارسيليا تضامنا مع الشعب الفلسطيني، وأفادت تقارير باستخدام الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعمه لإسرائيل ودعاها إلى « رد قوي وعادل » على عملية طوفان الأقصى، وحث الفرنسيين على البقاء متحدين والامتناع عن أي تحركات قد تثير اضطرابات في فرنسا على خلفية المواجهة الحالية بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية. وبالإضافة إلى حظر المظاهرات الداعمة للشعب الفلسطيني، شددت السلطات الفرنسية إجراءات الأمن حول مئات المواقع، بينها مدارس ومعابد يهودية. في المقابل، وكما كان متوقعا، تم حظر مسيرة مؤيدة للفلسطينيين بسبب « مخاوف من خطر الإخلال بالنظام العام »، وفق محافظة الرون. ورغم تجمع بعض المؤيدين للقضية الفلسطينية، فإن قوات الأمن الفرنسية لم تتردد في إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفرقة المتظاهرين واعتقال 4 أشخاص بعد سماع هتافات مثل « إسرائيل قاتلة، ماكرون متواطئ »، وفق بلدية ليون. أما في مدينة مونبلييه، فقد اعتقلت عناصر الشرطة شخصا ـيبدو أنه من أصول عربيةـ بعد أن هتف « الحرية لفلسطين » خلال مسيرة مؤيدة لإسرائيل. ويبدو أن حظر التظاهر للتعبير عن تأييد المقاومة الفلسطينية لم يمنع من ظهور عدد من الملصقات في جميع أنحاء البلاد، ففي ليون على سبيل المثال، وُضعت لافتة كبيرة كُتب عليها « فلسطين للفلسطينيين » حملت توقيع « رابطة الشباب الثوري » . وفي باريس، لوحظت حوادث أمام المعابد اليهودية في الدائرة الـ16، حيث ألقت الشرطة القبض على رجل بدعوى « الترويج للإرهاب وتوجيه إهانة عنصرية »، فضلا عن اعتقال 4 أشخاص في الدائرة الـ17 للسبب نفسه.
موقف حزب « فرنسا المتمردة » من طوفان الأقصى يثير جدلا
أثار موقف حزب « فرنسا المتمردة » اليساري الراديكالي من عملية « طوفان الأقصى » -التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد الاحتلال الإسرائيلي جدلا وانتقادات في فرنسا، إذ اتهمه بعض السياسيين الفرنسيين بتبرير العملية ضد إسرائيل. واتهمت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن الحزب بمعاداة السامية ونددت بالغموض الذي قالت إنه اكتنف موقفه. وقالت رئيسة الوزراء الفرنسية إن معاداة الصهيونية في حزب فرنسا المتمردة تُعدُّ وسيلة أيضا لإخفاء معاداة السامية في الحزب. وكان الحزب قد حمّل سياسات إسرائيل المسؤولية عن عملية « طوفان الأقصى » عندما قال السبت إن « الهجوم المسلّح لقوات فلسطينية بقيادة حماس يأتي في سياق تكثيف سياسة الاحتلال الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية ». كما قال زعيم الحزب، جان لوك ميلانشون -في تغريدة على موقع إكس السبت- إن « كل أعمال العنف التي أُطلق لها العنان ضد إسرائيل وفي غزة تثبت أمرا واحدا فقط، وهو أن العنف لا ينتج ولا يعيد سوى إنتاج نفسه ». ودعا ميلانشون لوقف إطلاق النار، وطالب فرنسا بالعمل على ذلك بكل قوتها السياسية والدبلوماسية. وقال إن على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي العيش جنبا إلى جنب في سلام وأمن، وإن السبيل لذلك هو حل الدولتين، وفقا لقرارات الأمم المتحدة. وقد أثارت تصريحات رئيسة الوزراء حفيظة قادة الحزب اليساري، إذ وصفها منسّق « فرنسا المتمرّدة » مانويل بومبار بأنها « دنيئة ». وقال ميلانشون « عبّرتُ عن الموقف الثابت لبلدنا منذ عهد (الجنرال شارل) ديغول » الرئيس الفرنسي الأسبق. وفي إشارة على ما يبدو إلى العمليات الانتقامية والقصف المستمر الذي يشنه الاحتلال على غزة ، قال ميلانشون إن « الموافقة على المجزرة المستمرة عار على بورن، فرنسا لا تتحدّث على هذا النحو »، واتهم زعيم الحزب رئيسة الوزراء الفرنسية بأنها تحشد الدعم لصالح وجهة نظر أجنبية.
صحف فرنسية
تناولت الصحف الفرنسية الكبرى ما وصفته بالهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) من قطاع غزة على إسرائيل، وإن اختلفت في زاوية التعاطي معه،
رأت لوموند أنه يهدف إلى إعادة خلط أوراق الصراع مع إسرائيل، وتابعتها لوفيغارو في أنه يمكن أن يحبط إعادة تشكيل الشرق الأوسط المأمول، في حين اهتمت مجلة لوبس باستخلاص الدروس الأولى منه، أما ليبراسيون فعنوّنت بأنه أحدث مفاجأة مميتة في صراع لا نهاية له. وبدأت لوموند -في مقال بقلم مراسلها المخضرم بنيامين بارت- بأن التاريخ الذي اختارته حماس لمهاجمة إسرائيل لم يكن من قبيل المصادفة، لأنه يعيد إلى المخيلة العربية، من خلال اختراق قوات حماس للسياج المحصن الذي يحيط بقطاع غزة، ما كان من عبور القوات المصرية لخط بارليف البالغ التحصين قبل 50 عاما، والذي قلب ميزان القوى الإسرائيلية العربية، وكان بمثابة صدمة في النفس الإسرائ ومع أنه من السابق لأوانه تخمين العواقب الدقيقة لهذا الصراع الجديد -حسب الكاتب- فإن حجم الهجوم الذي نفذته حماس لا يتناسب على الإطلاق مع العمليات التي نفذتها منذ عام 2007، مما يعني أن الشرق الأوسط يشهد زلزالا سياسيا وأمنيا جديدا، وأن النكسة التي لحقت بإسرائيل، كما حدث في عام 1973، تتسم بوحشية رمزية لا تصدق. ورأى الكاتب أن بقاء المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية مشلولة، وكأنها في حالة ذهول طيلة الصباح، يدل على فشل ذريع، خاصة أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية لم تتوقع شيئا قادما رغم أن هجوما بهذا الحجم يتطلب أشهرا من الإعداد، غير أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يقدم نفسه على أنه حامي حمى إسرائيل وأمنها، لا بد أنه سيعطي لهذه الكارثة بعدا شخصيا، ولا بد أنه سيحاسب بعد الصدمة الأولية والوحدة التي ينبغي أن تسود لبضعة أيام. وخلصت الصحيفة إلى أن الحرب الجديدة في غزة سيكون لها صدى إقليمي، وقد تكون ضربة مباشرة لعملية التطبيع الإسرائيلية العربية، لأن صور قصف غزة تبشر بإثارة الرأي العام العربي ومهاجمة قادته، وخاصة من أقاموا علاقات مع إسرائيل، وبالتالي فإن رسالة حماس إلى دول المنطقة والسفارات الغربية واضحة، وهي أنه لن يكون هناك استقرار في الشرق الأوسط من دون فلسطين. وعلق الكاتب بأن حجم « إراقة الدماء » التي ارتكبها المقاتلون الفلسطينيون في بلدات أطراف غزة التي دخلوا إليها، تعد بإعادة الوصمة « الإرهابية » إلى الحركة الإسلامية، وتوقع أن القضية الفلسطينية لن تخرج من هذه المعركة منتصرة في الرأي العام الغربي، ولكن عددا لا بأس به من الفلسطينيين في القطاع والضفة الغربية والشتات، سيشعرون بالتضامن مع حماس بعد 30 عاما على اتفاقيات أوسلو، عندما وصل الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية إلى نقطة اللاعودة، ولم يقدم لهم المتطرفون في السلطة بإسرائيل أي شيء سوى الخضوع أو السجن أو الموت.
وفي السياق نفسه، ذهبت لوفيغارو التي رأت أن هذا الهجوم غير المسبوق يمكن أن يحبط إعادة تشكيل الشرق الأوسط المأمول، ولكنها ركزت على ما يمكن أن يحدثه الهجوم من امتدادات للصراع، وعلقت بأن حزب الله اللبناني هنّأ حماس على « عمليتها البطولية واسعة النطاق »، وقال إن « قيادة المقاومة الإسلامية في لبنان على اتصال مباشر مع قيادة المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج وتقيّم الأحداث وسير العمليات بشكل مستمر ». وتساءلت الصحيفة هل يعني ذلك أن « للمليشيا الموالية لإيران مصلحة في فتح جبهة ضد شمال إسرائيل؟ » وردت بأنه ربما لا، لأن حزب الله الذي أبرم مؤخرا اتفاقا لتقاسم احتياطيات الغاز في البحر الأبيض المتوسط مع إسرائيل -حسب الصحيفة- لم يتخذ قرارا بشن هجمات متزامنة ضد الدولة اليهودية، مع أنه لا جدال في التعاون بينه وبين وحماس. غير أن الصحيفة رأت أن لإيران مصلحة في اندلاع « العنف الإسرائيلي الفلسطيني »، وردت ذلك لسبب بسيط، قالت إن طهران لا تخفيه، وهو أن الجمهورية الإسلامية تنظر بصورة قاتمة للتقارب المستمر بين حليفتها الجديدة المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وقد حذرت بالقول إن من يعقدون اتفاقا مع إسرائيل « يراهنون على الحصان الخطأ ».
ومن ناحيتها، رأت ليبراسيون أن هجوم حماس الضخم على إسرائيل أحدث مفاجأة مميتة في صراع إسرائيلي وفلسطيني لا نهاية له، وربطته بحرب أكتوبر التي رأتها رمزا قويا يغذي الخوف من دورة جديدة من « العنف الرهيب »، مشيرة إلى أن هجوم حماس سيضع الإسرائيليين في نفس الحالة الذهنية. وبعد استعراض سريع لبعض الأحداث، قالت الصحيفة -في افتتاحية بقلم دوف ألفون- إن هذه حلقة مميتة لا حاجة إليها في صراع يتغذى على روايات تاريخية متضاربة، رعاها على مر السنين مجتمعان شديدا العداء، ولا يوجد بينهما سوى القليل من القواسم المشتركة باستثناء الشعور العميق بالظلم التاريخي والتعرض للأذى. وكانت إسرائيل تظن -حسب الكاتب- أن انسحاب كافة جنودها وجميع مستوطناتها من غزة عام 2005 بعد 38 عاما من الاحتلال، من شأنه أن يضع حدا لمشاكلها مع 1.6 مليون فلسطيني هناك، حتى إنها كانت تنظر إلى إطلاق الصواريخ المستمر من هناك منذ أن حكمت حماس القطاع، على أنه عمل غاضب يستدعي أعمالا انتقامية عنيفة من وقت لآخر، ولكن يتم التسامح معه بصمت في معظم الأوقات باعتباره عرضا من أعراض المرض من الأفضل تركه غير مكشوف. ورأى الكاتب أن إحساس سكان غزة بأنهم ضحايا ينبع بشكل مباشر من الظروف المعيشية البائسة في قطاع ساحلي مزدحم ومحاصر وفقير لا يتجاوز عرضه بضعة كيلومترات، وربما يكون الجنود والمستوطنون الإسرائيليون قد غادروا، لكن إسرائيل تواصل إغلاق حدودها مع غزة، وتحاصر سواحلها بسبب مخاوف من واردات الأسلحة، وتسيطر على المجال الجوي، وهو ما يعني أن غزة ما تزال « محتلة » بالفعل وبالتالي تحتفظ « المقاومة » بشرعيتها. وخلصت الصحيفة إلى أن التغيرات الجيوسياسية التي شهدتها الأشهر الأخيرة، تضع أمام حماس و »رعاتها الإيرانيين » -حسب الكاتب- احتمالا لا يمكن الدفاع عنه، وهو ما يهدد بولادة « شرق أوسط جديد »، سيترك إيران بلا شرعية في العالم العربي الذي سيتخلى عن الشعب الفلسطيني، وستكون حماس قد نجحت في رهانها وأبطأت من هذا التقدم، مما يحرج حلفاء إسرائيل الجدد ويزيد من صلابة مواقف الإسرائيليين والفلسطينيين في الصراع
Laisser un commentaire