الانقسامات والعنصرية تمزق المجتمع الصهيوني
عادة ما يقول الباحثون إن التعددية العرقية والدينية في المجتمعات تُمثل ببساطة سلاحًا ذا حدين: إما الرُقي أو الدمار، وهذا تمامًا ما نراه في كتب التاريخ وما نشاهده اليوم في الدول العربية من حيث تأثرها بهذه التعددية، وهنا نطرح التساؤل: ماذا عن التعددية وتشكيلة المجتمع في دولة الاحتلال الإسرائيلي « الجوار » وهل ستؤدي إلى نهايتها أو ضعفها؟! « دولة إسرائيل » الحديثة هي نتاج مطالبة الحركة الصهيونية بإقامتها منذ أواخر القرن التاسع عشر، التي كان أساسها فكرة أرض « إسرائيل التوراتية » التي هي واحدة من المواضيع الرئيسية لليهودية لأكثر من ثلاثة آلاف سنة وفقًا لما يذكرون. بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى أقرت عصبة الأمم وضع فلسطين تحت حكم الانتداب البريطاني من أجل إيجاد « وطن قومي للشعب اليهودي »، وفي عام 1947 أقرت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين الانتدابية إلى دولتين « يهودية وعربية » – رغم رفض جامعة الدول العربية – حتى قامت « دولة إسرائيل » على أساس إعلان 14 من مايو 1948 التالي لاستقلالها بعد الفوز في حرب الاستقلال وتوسعت حدودها خارج قرار التقسيم.
توافد المهاجرون اليهود إلى « إسرائيل » من مناطق مختلفة من العالم في فترات متفرقة، حتى أصبح المجتمع اليهودي يتكون من أربع مجموعات طبقية رئيسية هي: « السفارديم » وهم يهود إسبانيا والبرتغال الذين تم طردهم إثر سقوط نظام الحكم الإسلامي في الأندلس واتجهوا إلى الدولة العثمانية، أما المجموعة الثانية فهم يهود المشرق العربي والعالم الإسلامي، بينما المجموعة الثالثة هم « الأشكناز » الذين يمثلون 85% من إجمالي اليهود في العالم أجمع وهم الذين جاؤوا من أوروبا وروسيا، أما المجموعة الرابعة فهم يهود الفلاشا القادمون من إثيوبيا. وقد أعلنت دائرة الإحصاء المركزية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، أن 3.2 مليون يهودي هاجروا إلى « إسرائيل » منذ عام 1948، ونحو 43% من المهاجرين الذين وصلوها (3.2 مليون) قدموا بعد العام 1990 الذي شهد انهيار الاتحاد السوفييتي. سيطر اليهود « الأشكناز » على مقاليد الدولة بعد تأسيسها، التي مُثلت لاحقًا بحزب العمل ذي التوجه الاشتراكي، وبدأت التحولات على الساحة السياسية الإسرائيلية منذ حرب 1967، وبعد حرب أكتوبر عام 1973، حدثت تغيرات مع وصول « حزب الليكود اليميني » بالانتخابات البرلمانية، وفرض سيطرته على الحكم. ومن المثير للاهتمام أن المجتمع الإسرائيلي في فترة الخمسينيات والستينيات، كانت مجتمعًا أيديولوجيًا مجندًا يقف وقفة رجل واحد إزاء « العالم العربي » المحيط به، لكن الصراع العربي الإسرائيلي لم يسمح لعملية الدمج الاجتماعي للمهاجرين الشرقيين بشكل كامل وتدريجي.
الصراع بين الأشكناز والسفارديم
ويتجلى الصراع بين الأشكناز والسفارديم بشأن الأيديولوجية والطبقية بين يهود الغرب ويهود الشرق، فالأشكناز هم الطبقة العليا في « إسرائيل » التي تتمتع بالغنى والهيمنة على المؤسسات السياسية والاجتماعية، والأكثر حصولًا على الأجور المرتفعة عن اليهود السفاريم الذين يتقاضون رواتب أقل بكثير من الأشكناز. وتظهر هذه المسألة بشكل أوضح عند النظر في فجوة التحصيل العلمي بين التلاميذ من أصل شرقي والتلاميذ الأشكناز، فهي 12.01% لدى طلاب الصف الرابع، وفي فرصة تحصيل شهادة التعليم الأساسي فإن الفجوات بين الفئتين تساوي 15.8%، وفي المواضيع العلمية تساوي 41.7%، وقل الشرقيون بنسبة 31.9% عن الغربيين في عدد المجازين في المواضيع العلمية، وفي علم الأحياء والتكنولوجيا بخاصة فإنهم يقلون بنسبة 5906%.. أما عن الطائفة اليهودية الإثيوبية « الفلاشا »، يختلف المؤرخون في جذورها، فهي اسم يطلق على اليهود من أصل إثيوبي، ويعني باللغة الأمهرية المنفيين أو الغرباء، وقد رُحل عشرات الآلاف منها إلى « إسرائيل »، لتعزيز ديمغرافية الاحتلال، وتكريس الطابع اليهودي لـ »إسرائيل »، لكنها واجهت أوضاعًا عنصرية وتم استغلالهم في الأعمال البسيطة مما دفعها للاحتجاج على الحكومة
تُعتبر « إسرائيل » اليوم التي يسكنها 8.8 مليون نسمة، البلد الوحيد في العالم الذي يتمتع فيه اليهود بأغلبية بنسبة 74%، ويشكل العرب الفلسطينيون نسبة 20.9% وبها أيضًا أقليات مسيحية ودرزية وسامرية وغيرها من الأقليات الدينية والعرقية، وينص الدستور على اعتبار اللغتين العبرية والعربية لغتين رسميتين للبلاد، وذلك قبل إصدار « قانون القومية و هو قانون أقره الكنيست الإسرائيلي عام 2018، يعتبر « إسرائيل » الوطن القومي لليهود والقدس عاصمة « إسرائيل« ، وتشدد بنود القانون على أن الرموز اليهودية والصهيونية هي الأساس في النشيد الوطني وعلم الدولة، مع منح الأفضلية للطابع اليهودي على النظام الديمقراطي، على أن يضمن التشريع لكل مواطن ودون تمييز الحفاظ على ثقافته وتراثه، وتكون الدولة صاحبة الحق في إقامة بلدات خاصة بالمجموعات الدينية وأبناء القومية الواحدة. ويتضمن مشروع القانون بندًا يسمح بإقامة بلدات لليهود فقط، ومنع غير اليهود من السكن فيها، كما يعطي القانون الجديد مكانة عليا للغة العبرية، باعتبار أنها « لغة الدولة »، أما اللغة العربية فسيكون لها « مكانة خاصة » وتوفر للمتحدثين بها المثالية لخدمات الدولة.
أضحى الحديث عن العنصرية التي تمارسها دولة الاحتلال الصهيوني موضوعًا أمميًا وعالميًا لا تختلف فيه الآراء بشدة، قد يكون الاختلاف في نوع ودرجة هذه العنصرية والمتأثرين بها ». وقد ساهمت مؤسسة البي دي إس بشكل حقيقي في نشر الوعي بعنصرية « إسرائيل » على نطاق واسع، التي تقوم دعايتها على أن دولة الاحتلال تقوم بتمييز عنصري ضد الفلسطينيين، وعليه وجب الضغط على « إسرائيل » عن طريق المقاطعة والحصار الاقتصادي والفني والأدبي والسياسي على نفس نمط التجربة في دولة جنوب إفريقيا، والحقيقة أن هنالك عدة أسئلة عن موضوع « الأبارتهايد »، وهل تقوم فعلاً « إسرائيل » بممارسته بحق الفلسطينيين؟ للإجابة يجب التعمق في مراحل العنصرية الإسرائيلية وأنماطها ».
هناك ثلاثة أنواع رئيسية للعنصرية في « إسرائيل »:
الأولى هي عنصرية ممنهجة ومباشرة وشرسة ضد الفلسطينيين بشكل عام خصوصًا في كل من الضفة الغربية وغزة، وهي عنصرية لها أطرها القانونية التي ترعاها وتعرف بقانون « هافرادا »، وتجليات هذا الفصل العنصري واضحة للعيان في الضفة الغربية حيث يعيش اليهود الإسرائيليون في مستوطنات بين مدن الضفة بشكل مغاير للمواطن الفلسطيني، حيث يحق لهم استخدام طرق معبدة مخصصة لهم فقط، ويحظون بمميزات أمنية منها حق حمل السلاح الذي يحظر على الفلسطينيين. أيضًا لهم تسهيلات في عملية البناء في حين ينازع فلسطينيو المناطق (سي) للحصول على تراخيص بناء وتهدم بيوتهم بشكل ممنهج، ويعد الماء أيضًا من أشكال التمييز العنصري المهمة، حيث يحظى المواطن الفلسطيني بـ73 لتر ماء سنويًا وهو أقل من الحد الأدنى للشخص الذي أقرته منظمة الصحة العالمية، في حين يحظى المواطن الإسرائيلي في مستوطنة تبعد أمتارًا عن قرية فلسطينية بنحو 369 لتر ماء، بالإضافة للكثير من الاجراءات والقوانين العنصرية.
أما النوع الثاني يكمن في العنصرية ضد الفلسطينيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية ويعيشون بداخلها، وللأسف لم تأخذ مسألة حقوق فلسطينيي الـ48 حقها إعلاميًا وسياسيًا، رغم القمع والعنصرية الموجهة ضدهم، فمثلاً يحظر عليهم شراء او استئجار الممتلكات الخاصة بالوكالة اليهودية أو الصندوق القومي اليهودي. وحتى عند صدور حكم قضائي بالسماح لهم بالشراء، بقي القرار نظريًا وقد كتب الصحفي البريطاني كريس مجيل مقالاً في صحيفة « الغارديان » يؤكد أن هناك الكثير من العقارات المحرمة على غير اليهود. ويعاني فلسطينيو « إسرائيل » من التمييز بأمور عدة مثل التعليم والصحة والخدمة العسكرية بل وحتى في هويتهم، ظهر تقرير حكومي إسرائيلي يؤكد أن الدولة تصرف بمعدل الضعف على تعليم اليهود مقارنة بالعرب. وقد عملت الدولة ككل على التفوق اليهودي في الأساس، وعليه فإن كل الأطر القانونية تحمل في طياتها قوانين تمييز عنصري بلا شك، وخصوصًا بعد قانون القومية اليهودية الذي يخول اليهود حصرًا حق تقرير المصير، وهذا يعني أن باقي المواطنين من غير اليهود لا يحق لهم بناء مستقبل الدولة أو المشاركة بحقوق مدنية مساوية في عمليات استفتاء مصيرية مثل خوض حروب أو اتفاقيات سلام مثلاً. وهذا القانون بالتحديد يوضح بشكل مباشر نظام الفصل العنصري للدولة الذي يقوم على تهميش غير اليهود، هذا بجانب مثلاً إقرار قانون حذف العربية كلغة رسمية، في حين أن نسبة العرب في ازدياد، وهي مسألة ينظر لها على أنها محاربة قانونية لهوية الفلسطينيين.
النوع الثالث هو التمييز ضد كل ما هو غير أبيض أشكنازي، حيث إن الفكرة الصهيونية ظهرت في أوروبا بين اليهود البيض ولم تكن هناك رابطة حقيقية بينهم وبين اليهود العرب، لذا فعندما تم بناء الدولة الصهيونية كانت الطبقة الحاكمة والمسيطرة يهودية أشكنازية بامتياز، لكن الصدمة لليهود العرب والأفارقة أن الحال لم يتغير، فمثلاً كل رؤساء الوزراء الإسرائيليين من البيض الأشكنازية. إن التمييز وصل لدرجة من التغلغل أن كل صور الشخصيات المطبوعة على الأوراق المالية الإسرائيلية هم أشكناز فقط، وفي دراسة لمركز أدافا، ظهر أن راتب اليهود الغربيين يفوق راتب اليهود الشرقيين بنسبة 42%، ووصل الأمر للتعليم حيث إن أكثر من 80% من حملة الدكتوراه أشكناز، وبطبيعة الحال هذه العنصرية مبطنة وليست واضحة قانونيًا، وإنما اجتماعيًا واقتصاديًا. ويعد التمييز أقسى على يهود الفلاشا الأفارقة، فكل الأرقام المتعلقة بالتعليم والصحة والمساعدات الاجتماعية والعمل تثبت تفاوتًا رهيبًا بينهم وبين بقية اليهود، بل تعدت العنصرية حدود العقل لتظهر في عمليات حكومية إجرامية تستهدف الأفارقة.
المجتمع الإسرائيلي مجتمع غير متجانس ويعاني من تفسخات شديدة ليست بالهينة، وهذا طبيعي في مجتمع تم بناؤه من مهاجرين من مختلف أنحاء العالم دون وجود قاسم حقيقي مشترك غير الدين، بل إن الدين بينهم يختلف أيضًا جزئيًا، وعليه فقد وجد الإسرائيليون أنفسهم معزولين في داخل دولتهم كل في ركنه، وظهر أن الجامع الحقيقي هو الخوف ». أن سياسات « إسرائيل » الشرسة واندفاعها بسهولة للحروب ليس محصورًا في أسباب سياسية، بل أصبحت ضرورة اجتماعية لتوحيد كل أطياف مجتمعهم أمام « العدو »، فتجد أن فور خفوت أصداء الحرب، تعود الأصوات المناهضة للعنصرية بالظهور. والأهم اننا نجد تفسيرات اجتماعية ونفسية لطريقة تصرف دولة الاحتلال ناشئة عن تصدعات داخلية ليست بالهينة، وقد نشأ عن هذه التصدعات أيضًا ظهور أصوات قوية ترفض مبادئ هذه الدولة العنصرية وتطالب بحقوق الغير من يهود شرقيين وعرب وفلسطينيين وهي أمور كانت محرمة النقاش في السابق ». إن أخطر ما تواجهه « إسرائيل » حاليًّا ظاهرة الهجرة العكسية، حيث أصبح الكثير من اليهود يهاجرون للخارج – خصوصًا أوروبا – هربًا من هذا المجتمع الهش والعنصري، واعترفت « إسرائيل » لأول مرة بهذه الظاهرة التي تهدد وجودها عام 2009 عندما أعلن جهاز الإحصاء المركزي الإسرائيلي أن عدد اليهود الوافدين لـ »إسرائيل » أقل من عدد الإسرائيليين المغادرين لها. وفي تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية فقد اعترف 37% من السكان أنهم يفكرون في مغادرة الدولة، كل هذا ينذر بفشل المشروع الصهيوني بمحاولة تغيير الوضع الديمغرافي على الأرض، بحيث يزيد السكان اليهود عن نظرائهم العرب في فلسطين التاريخية، وتعد هذه ضربة مهمة للمشروع الصهيوني وفكرة استدامته في المستقبل غير البعيد. ومن ناحية أخرى، أدت العنصرية في المجتمع الإسرائيلي إلى انتشار دعوات المقاطعة المبنية على أسس حقوق الإنسان المرتبطة بشكل مباشر بالتمييز العنصري، مما سبب خسائر هائلة للاقتصاد الإسرائيلي. أخطر ما في القضية أن دولًا تحسب تاريخيًا على أنها داعمة لـ »إسرائيل » – بريطانيا وفرنسا – قامت بحظر استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية، وذلك يعني أن سياسة « إسرائيل » العنصرية لامست بشكل مباشر حقوق الإنسان التي لا يقبل العالم المساس بها وهو خطاب يتبناه الغرب والدول المتقدمة، أما على الأصعدة الأخرى، فقد وصل الأمر لمقاطعة « إسرائيل » فنيًا وأكاديميًا وعلميًا، مثلما أعلنت مؤسسة الأنثروبولوجيا العالمية مقاطعة « إسرائيل »، وأعلن فنانون كثر امتناعهم إقامة حفلات في دولة الاحتلال، كل هذه الأمور تقوض « إسرائيل » وتؤدي لعزلها دوليًا مما قد يفضي في النهاية للانهيار كما حدث في جنوب إفريقيا. أخيرًا تؤدي العنصرية إلى بداية التراجع الإسرائيلي المتمثل في المؤسسات، فدعم الدولة لليهود الغربيين ومنهم طائفة « الحريديم » يؤدي لتراجع « إسرائيل » كدولة متقدمة وجعلها أقرب للدول « النامية ». « فمثلا قيام الحريديم بفصل النساء عن الرجال وتخصيص حافلات خاصة لكل جنس تجعل « إسرائيل » تشبه دولاً متطرفة مثل أفغانستان، وقيام « إسرائيل » بتقوية اليهود الغربيين العسكريين يجعل حكوماتها عسكرية على نمط الدول الشمولية الفاشلة ». تتضافر كل من إشكالية هيمنة الجيش الإسرائيلي على كثير من مفاصل الدولة بدءًا من رئاسة الوزراء مرورًا بالهيمنة على الإعلام وشركات التصنيع، وإشكالية التمييز العنصري لتجعل الدولة تنزلق لتصبح دولة أقل منهجية وموضوعية وحيادية، حيث يتم التقليل من مسألة الكفاءة أمام عنصر العرق والدين، وبذلك تصبح المؤسسات أقل كفاءة من جهة، وأقل انفتاحًا وعلمية من جهة أخرى، أي أن « إسرائيل » بدأت طريق الانحدار التدريجي مما يفقدها ميزتها في التفوق العلمي والأكاديمي والمؤسساتي على دول الجوار.
حال من التشرذم والنُكران استطاع الجمهور العربي والعالمي صنعها للإسرائيلي في كأس العالم في قطر. من دون تخطيط مسبّق، ولا اتفاق على آلية مواجهة وجود إسرائيلي في مجتمع عربي ذي بيئات وخلفيات مختلفة، ولكنها جميعاً بدت متسقة ومؤمنة ومتفقة على نبذ أي وجود إسرائيلي. هذا في المناسبة لم يتطلب اتفاقيات مكتوبة، كتلك التي صيغت وفرضت على الشعوب، بل كانت اتفاقية موحّدة، من دون أي بنود. المشاهد المتعددة السياق التي رأيناها هنا تظهر التفافاً على القضية الفلسطينية، الشعارات كانت عفوية، لكنها واضحة ومباشرة (اسمها فلسطين – لا شيء اسم « إسرائيل » – العدالة للقضية الفلسطينية)، هذه المشاهد التي اندرجت تحت السياق نفسه لها دلالات جادة في المستقبل البعيد، هي تظهر عجز الدول المطبعة، ومن ورائها « إسرائيل »، عن تغيير التاريخ، وتثبت عدم قدرتها على امتلاك وجدان الشعوب، ولو وقّعت اتفاقيات تطبيع مع الحكام، فهذا، في الموروث العربي، لا يعني شيئاً. الواقع هنا، كما هو، وكما ظهر للعالم، أظهر إخفاق « تل أبيب » في ترويج التطبيع، وفضح العجز الإسرائيلي عن التستر على روايتها المزعومة أن « غالبية الشعوب العربية ترحّب بنا ». وما ظهر حتى الآن يؤكد أن الشعب الفلسطيني وامتداده لا يتوقفان عند حد، وأن القضية ليست « أرضاً متنازعاً عليها » كما يحاول الإعلام الغربي أن يشيعه، والواضح حتى الآن، أنّ اتفاقيات التطبيع الهشّة هي اتفاقيات تتجاوز الشعوب ولا تعبّر عنها. شيء مافرض نفسه على الأجواء العامة في كأس العالم. الحضور الفلسطيني ليس عابراً هنا، بل متجذّر ومقيم.
Laisser un commentaire